التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عام على مأساة “زلزال الحوز”.. أين وصلت جهود الإعمار؟

 




على الساعة 23:11 الجمعة 8 شتنبر 2023، تتحرك المنازل بأصحابها في هزة أرضية تخرج المواطنين إلى الشوارع بعدد من مدن المغرب بينها الدار البيضاء وأكادير والرباط، يتنفس السكان الصعداء بعد ساعات ليعودوا إلى بيوتهم تدريجياً، بدا أنها مرت بسلام إلى أن انتشر الخبر: “هزة أرضية بقوة 7.2 درجات على مقياس ريختر تضرب إقليم الحوز في المغرب على عمق 8 كيلومترات”.

هناك كانت المأساة بعيداً عن المدن، في مناطق المغرب العميق حيث القرى النائية والجبلية والبعيدة عن التنمية، هز زلزال عنيف -مركزه قرية إغيل- إقليم الحوز والأقاليم المجاورة؛ حيث بدأت الوقائع بصرخات نجدة من قرى قريبة من مراكش كان أبرزها “مولاي إبراهيم” عندما ظهر شاب بين الأنقاض وهو يتحدث عبر هاتفه المحمول عن وفيات وعالقين وسقوط بنايات، وينادي في بث مباشر على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فايسيوك من أجل إرسال فرق الوقاية المدنية وسيارات الإسعاف.

بعدما كان الوقت بطيئاً في الساعات الأولى، فجأة اتجهت شاشات العالم صوب المغرب، وبدأت معالم الفاجعة تتضح والتفاصيل تخرج للعلن رسمياً، وأرقام الضحايا تتسارع الساعة تلو الأخرى ويوماً بعد يوم إلى أن بلغت 2960 قتيلاً و6125 مصاباً معظمهم بأقاليم الحوز و‌تارودانت و‌شيشاوة، كما تضررت عشرات آلاف المباني بينها المساكن والفضاءات الحكومية، فضلاً عن المعالم التاريخية في مراكش و‌تارودانت و‌أكادير و‌ورزازات.

وخلال الأسبوع الأول بعد الزلزال، أينما ولى المرء وجهه بالأقاليم المتضررة يصادف قصة مأساوية، بين من فارق فرداً من عائلته ومن فقدها بالكامل، وبين طفل بقيَ يتيماً وناج عاد من الموت، فضلاً عن قصص قرى منكوبة وصلتها الإغاثة والمساعدات بعد زمن طويل، وأخرى صارت خراباً بعدما مُحيَت بالكامل من على وجه الخريطة.

ووسط بؤس الفاجعة، تسللت بين خيام المتضررين وأنقاض بيوتهم أشعة دافئة أسهمت بمواساة الضحايا وخففت من معاناتهم عبر طوفان بشري من قوافل المساعدات الإنسانية التي حملها الشعب المغربي من مختلف المدن والأقاليم إلى أشقائهم من مغاربة الأطلس الكبير، معبرة عن تماسك اجتماعي فريد، ونبلٍ قابله سكان المناطق المتضررة بكرمهم المعتاد وبشاشة على ملامحهم تخفي تعابير الحزن والألم، بالتزامن مع جهود متواصلة حينها للأطقم الطبية وفرق الإنقاذ والقوات العمومية والسلطات المحلية لإغاثة العالقين وإسعاف المصابين وانتشال جثامين الضحايا.

ينقضي اليوم، الأحد 8 شتنبر 2024، عامٌ كاملٌ على تلك الكارثة ليتم التوقف عند جهود التعافي منها أين وصلت؟ هل حققت إجراءات الحكومة أهدافها؟ هل بنى المتضررون بيوتهم وعادوا إليها؟ وهل اختفت الخيام؟ أم مازال الوضع على حاله مثل أول شهر بعد الزلزال؟

وتيرة إعمار ضعيفة

“وتيرة ضعيفة جداً”.. تقول نجية أيت محند منسقة الائتلاف المدني من أجل الجبل بإقليم الحوز، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، وتضيف: “نعم توجد إكراهات أمام جهود إعادة الإعمار، لكن في نفس الوقت يبدو أنه لا توجد رغبة حقيقية لتجاوز الأوضاع المزرية التي يعيشها سكان المناطق المتضررة جراء زلزال الحوز”.

ونبهت أيت محند القاطنة بضواحي أمزميز إحدى المناطق المتضررة، إلى أنه “مرت سنة دون تطور يُذكَر” مشيرة إلى أنه في الغالب عندما تقول الحكومة إنه تمت إعادة الإعمار بإحدى الجماعات “يكون الحديث بشأن دوار واحد بين عدة دواوبر في جماعة كاملة، ويتميز بسهولة العمل عليه مقارنة مع قرية جبلية تعاني وصورة الطرق والتضاريس، ما أسهم في جعل وتيرة البناء بطيئة”.

وشددت المتحدثة ذاتها على أن المعطيات التي صرحت بها الحكومة بخصوص حصيلة المستفيدين من الدعم ورخص البناء، والمساكن التي تم بناؤها “غير دقيقة وبعيدة كل البعد عن الواقع، ليس في أمزميز فقط بل حتى في باقي الجماعات مثل ثلاث نيعقوب وإغيل وإيجوكاك”، لافتة إلى أن الوضع متدهور في جميع الدواوير، التي لم يستفد كذلك عدد من مواطنيها من الدعم الحكومي، حسب الناشط المدنية.

وكانت الحكومة أعلنت خلال الاجتماع الحادي عشر للجنة الوزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، الإثنين 2 شتنبر 2024، استمرار أعمال البناء في 49 ألفاً و632 منزلاً متضرراً، فيما أكملت ألف أسرة إعادة بناء منازلها، بعد قرابة عام على وقوع زلزال الحوز.

دعم بلا رخص بناء

وقالت اللجنة التي يترأسها رئيس الحكومة عزيز أخنوش إنه تم إصدار 55 ألفاً و142 ترخيصاً لإعادة البناء، وهو “ما وفرت له الدولة كافة الظروف الكفيلة بتسهيل العملية وتأهيل المنازل المتضررة من الزلزال”، فضلاً عن استفادة 57 ألفاً و805 عائلات من 20 ألف درهم كدفعة أولى لإعادة بناء وتأهيل منازلها، وذلك بقيمة مالية تقدر بـ 1.2 مليار درهم.

في هذا الصدد، يرى حسن اد بن ادار، الناشط المدني في بلدة ثلاث نيعقوب، القريبة من بؤرة الزلزال والتي عرفت هي الأخرى عدداً كبيراً في خسائر الأرواح والمباني، أن أرقام الحكومية لا تعكس أية منفعة على أرض الواقع، خاصة في ثلاث نيعقوب التي تعاني عدة إشكالات، بينها “تسجيل المواطنين تظلمات بشأن الرخص التي منحت لهم على مستوى مخططات البناء، إضافة إلى منع البناء في عدة مناطق بقرار من السلطات المحلية دون توفيرها بديل”.

وأوضح اد بن ادار، في حديث من صحيفة “صوت المغرب”، “هناك من توصل بالدفعة الأولى التي تقدر ب 20 ألف درهماً، لكن لا يعرف أين يقوم ببناء منزله”، وبالتالي يضيف المتحدث “لا يتسلم المواطن رخصة البناء من الدولة بسبب تواجد المنطقة بمكان خطير أسفل جبل ما أو بمحاذاة واد”، ومع غياب البديل يعد هذا الوضع “إشكالاً مطروحاً” يفاقم معاناة سكان الأقاليم الجبلية، وهو ما “اضطر العديد من المتضررين للاحتفاظ بمبلغ الدعم طيلة هذا العام دون تحقيق منفعة ترجى منه على أرض الواقع بسبب هذه الإكراهات”، في الوقت الذي تحسبهم فيه الدولة مستفيدين، من خلال إحصائياتها الأخيرة، حسب الناشط المدني.

هذا وشدد على أنه لا يوجد مسكن واحد تمت إعادة إعمارخ في جماعة ثلاث نيعقوب “اللهم بيتاً أو بيتين فقط تم تسقيفهما”، لافتاً إلى أن عدد الأسر التي عادت إلى بيوتها المتضررة بشكل طفيف لا يتجاوز ست أسر، إضافة إلى أن أسرة واحدة فقط عادت لمنزلها بعد انهياره كلياً أو جزئياً.

وقال المتحدث ذاته إنه “بعد مرور سنة الأوضاع مازالت كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى في إقليم الحوز”، منبهاً إلى أن “العمل على ترويج معلومة مفادها إتمام إزالة 90 بالمائة من أنقاض الزلزال يبقى كذباً”، حيث أن الدواوير التي تمت إزالة الأنقاض فيها “معدودة على رؤوس الأصابع ونعرفها جيداً”، يضيف المصدر ذاته.

وأوضح حسن اد بن ادار أن جماعة ثلاث نيعقوب وحدها تضم ما مجموعه بين 60 أو 70 دواراً، وفقط 20 دوار منها وصلتها الآليات من أجل إزالة الأنقاض، في حين “لم تستطع السلطات الوصول إلى بقية الدواوير في الجماعة مبررة ذلك بصعوبة ذهاب الآليات إليها رغم وجود طريق”، بالتالي يؤكد اد بن ادار على أن “الأنقاض لم تختف من جماعته وبعدد من المناطق خارجها، في الوقت الذي تُمنح فيها أولوية إزالتها للدواوير المحاذية للطريق الوطنية”.

دعم هزيل لقرى منكوبة

ومن جهته، يشير عمر أربيب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في مراكش إنه “لا يوجد مواطن واحد تمكن من السكن بدعم الدولة حسب معطيات الجمعيات”، ويضيف أنه “إذا تم افتراض أن 9 آلاف و100 متضرر الذين توصلوا بالدفعة الرابعة لإعادة البناء ويتوقع أن يكونوا قد سكنوا رقم صحيح، فإنه لا يمثل حتى 5 بالمائة من الحصيلة الإجمالية التي أعلنتها الحكومة رسمياً”، مشدداً على أن الذين تمكنوا من السكن حققوا ذلك بمجهوداتهم الفردية بشكل أساسي.

وتساءل أربيب، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، بشأن السبب الذي جعل الحكومة تمنح معظم سكان الدواوير التي مُحيت بالكامل من على وطه الخريطة مبلغ 80 ألف درهم فقط، “مع العلم أن الدوار لم يعد موجوداً بمعنى أن مساكنه هدمت كلياً”، مشيراً إلى أنه بشكل عام “نادراً ما يمنح المتضررون 140 ألف درهم، وهو ما يبين أنه بغض النظر عن مسألة هل الدعم الحكومي يكفي المتضررين أم لا، لم يحترم حتى الشروط التي أعلن عنها رسمياً”.

وكانت الحكومة أعلنت، في أعقاب الزلزال، أن كل أسرة متضررة ستستفيد من 4 مراحل دعم، بلغت قيمتها إجمالاً 140 ألف درهم لأصحاب المساكن التي انهارت بشكل كلي، و80 ألف درهم لتغطية أعمال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئياً.

وأشارت اللجنة الوزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، في اجتمعها الإثنين الماضي، إلى استفادة 97 في المائة من الأسر المتضررة من الدعم، حيث تلقت 20 ألفاً و763 أسرة الدفعة الثانية، واستفادت 8813 أسرة من الدفعة الثالثة و939 أسرة من الدفعة الرابعة والأخيرة.

كما حصلت 63 ألفاً و862 أسرة على مبلغ 2500 درهم المخصصة كدعم شهري لفائدة الأسر التي انهارت منازلها جزئياً أو كلياً، كما تم صرف دعم 11 شهراً من أصل 12 شهراً من هذه المساعدات بقيمة إجمالية تبلغ 1.6 مليار درهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حصري.. هذا ما قررته المحكمة في حق محمد أمكيزو رئيس جماعة مولاي إبراهيم المتابع بجنايتي تبديد واختلاس أموال عامة

                                            أصدرت غرفة الجنايات الإبتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الإستئناف بمراكش، في جلستها اليوم الجمعة 13 يونيو الجاري، قرارا جديدا يقضي بتأجيل البت في الملف الذي يتابع فيه محمد أمكيزو رئيس المجلس الجماعي لمولاي إبراهيم، من أجل جنايتي تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعين تحت يده بمقتضى وظيفته. و وفق مصادر موثوقة، فالهيئة قررت تأجيل الملف الى يوم الجمعة المقبل 20 يونيو الجاري من أجل  منح مهلة للتعقيب على الخبرة التي قضت بإجرائها حول هذا الملف الذي يشغل الرأي العام بإقليم الحوز. و جاءت متابعة رئيس الجماعة الترابية مولاي إبراهيم بعد انتهاء جلسات التحقيق التفصيلي الذي باشره معه قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال باستئنافية مراكش، بناء على ملتمس الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف، حيث خلص التحقيق التفصيلي إلى تورط المتهم في “جنايتي تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعين تحت يده بمقتضى وظيفته”.

بعد إعفاء شوراق من مهامه.. تعيين رشيد بنشيخي واليا على جهة مراكش آسفي بالنيابة

قالت مصادر متطابقة، ان وزارة الداخلية، عينت عامل اقليم الحوز رشيد بنشيخي، واليا على جهة مراكش آسفي بالنيابة، خلفا للوالي السابق فريد شوراق. وجدير بالذكر ان والي جهة مراكش اسفي فريد شوراق ، تم اعفاءه اليوم من مهامه، على خلفية إقدام أحد أئمة المصليات بمدينة مراكش، يوم عيد الأضحى، على نحر أضحية العيد أمام الملأ، وبأمر مباشر من والي جهة مراكش-آسفي، عامل عمالة مراكش، فريد شوراق، وهو ما اعتُبر خرقًا واضحًا للتوجيهات الملكية الصادرة في فبراير الماضي.

اعتقال قائد مركز للدرك الملكي للإشتباه بتورطه في قضية تتعلق بالإتجار في المخدرات

أمر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بأكادير، بإيداع قائد مركز الدرك الملكي بتغازوت، المسمى (م.هـ)، السجن المحلي بأيت ملول، على خلفية الاشتباه بتورطه في قضية تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات. وبحسب موقع “أكادير 24” الذي أورد الخبر، فإن هذا القرار يأتي في سياق الجهود المكثفة التي تبذلها السلطات المغربية لمكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات، خاصة بعد تفكيك شبكة يعتقد أنها كانت تستعد لتصدير كمية كبيرة من مخدر “الشيرا” نحو الخارج. وكانت المصالح المختصة قد أوقفت المعني بالأمر، الذي يحمل رتبة مساعد أول، صباح أول أمس الإثنين 2 يونيو 2025، عقب ضبط شحنة تقدر بطن ونصف من مخدر “الشيرا” كانت مهيأة للتهريب عبر سواحل تغازوت، شمال مدينة أكادير. وكشفت التحقيقات الأولية التي أشرفت عليها القيادة الجهوية للدرك الملكي بأكادير، أن المسؤول الموقوف كان على دراية بالعملية واشتبه في تستره عليها، ما دفع إلى توقيفه عن العمل بشكل فوري وإحالته على القضاء. وبعد الاستماع إليه تفصيليا من طرف قاضي التحقيق، تقرر وضعه رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن أيت ملول، في انتظار استكمال التحقيقات وكشف كافة ملابسات القضية، بما في ذل...

اخ يقتل شقيقه.. جريمة قتل مأساوية تهز جماعة أغمات في ثاني أيام عيد الأضحى

 شهدت جماعة أغمات بإقليم الحوز، زوال اليوم الأحد، حادثة مأساوية راح ضحيتها رجل خمسيني إثر تعرضه لطعنات مميتة وجهها له شقيقه الأصغر بدوار “لقرية”. وأفادت مصادر مطلعة أن الخلاف العائلي الذي نشب بين الشقيقين تطور بشكل مأساوي، حيث أقدم المشتبه فيه، البالغ من العمر 31 سنة، على طعن شقيقه الأكبر، المزداد سنة 1970، بواسطة سكين. ورجحت المصادر ذاتها أن يكون الجاني يعاني من اضطرابات نفسية، مشيرة إلى أنه تم نقل الضحية في حالة حرجة إلى المستشفى الإقليمي بتحناوت، لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بجروحه. وبناءً على تعليمات النيابة العامة المختصة، تم نقل جثة الضحية إلى مستودع الأموات لإخضاعها للتشريح الطبي، فيما باشرت عناصر الدرك الملكي التابعة لمركز أوريكة تحقيقاً معمقاً في هذه الجريمة البشعة. وقد تم توقيف الجاني ووضعه رهن تدبير الحراسة النظرية في انتظار استكمال الأبحاث القضائية اللازمة.

العثور على جثة متفحمة في ظروف غامضة بضواحي مراكش

شهد دوار الكرينات التابع لجماعة انزالت لعظم بإقليم الرحامنة، مساء يوم السبت 24 ماي الجاري، حالة استنفار بعد العثور على جثة متفحمة داخل أحد المنازل، في ظروف لا تزال غامضة إلى حدود الساعة. وفور إشعارها بالحادث، انتقلت السلطات المحلية وعناصر الدرك الملكي إلى مكان الواقعة، حيث تمت معاينة الجثة وفتح تحقيق أولي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، في محاولة لكشف ملابسات الوفاة وظروف اندلاع الحريق الذي أدى إلى تفحم الجثة. وقد جرى نقل الجثة إلى مستودع الأموات قصد إخضاعها للتشريح الطبي، بتعليمات من النيابة العامة، وذلك من أجل تحديد السبب الدقيق للوفاة وما إذا كانت الواقعة نتيجة حادث عرضي أم فعل إجرامي.