نفت أصوات حقوقية صحة الأرقام التي أعلنتها الجهات الرسمية بشأن تعويضات وإعادة إعمار المنازل المتضررة من زلزال الحوز، حيث اعتبرت أن الأرقام المتداولة “لا تعكس الواقع الميداني، بل تتناقض مع شهادات المتضررين والتقارير الحقوقية الموثقة”.
وفي هذا السياق، كشف منتصر إثري، عضو التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز، وأحد المتضررين من زلزال 8 شتنبر، أن” هناك تناقضات صارخة في الأرقام والمعطيات الرسمية المتعلقة بتعويضات المتضررين”.
وأوضح في تصريح صحفي أنه “بعد وقوع الزلزال، أعلنت السلطات عن تسجيل 26.798 مسكنًا متضررًا، منها 4.232 مسكنًا انهار كليًا، و22.566 مسكنًا انهار جزئيًا، لكن مع مرور الوقت، ارتفع هذا الرقم بشكل مفاجئ، إذ أعلنت اللجان المحلية المكلفة بالإحصاء عن تحديد 32.640 مسكنًا تتوفر فيها شروط الاستفادة من التعويضات، منها 1.603 مساكن منهارة كليًا و31.037 منهارة جزئيًا”.
وبيَّن إثري أن هذا التباين العددي رفع عدد الأسر المستفيدة من المساعدات المالية إلى 59.438 أسرة إلى غاية 31 يناير 2024، لكن سرعان ما ظهرت أرقام أخرى مختلفة حول الدعم الشهري، فقد أُعلن عن استفادة 57.596 أسرة من دعم شهري قدره 2500 درهم، قبل أن يرتفع العدد مجددًا إلى 63.766 أسرة.
وتابع أنه في سياق مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025، أوضحت وزارة الاقتصاد والمالية أن عدد المستفيدين من المساعدات المباشرة لإعادة البناء، المقدّرة بـ140 ألف درهم، لم يتجاوز 5.669 أسرة فقط، أما المساعدات الخاصة بتأهيل المنازل غير الصالحة للسكن، والبالغة 80 ألف درهم، فقد شملت 51.983 أسرة، ما يعني أن مجموع الأسر المستفيدة من نوعي الدعم هو 57.652 فقط.
وأضاف إثري أن “عدد تراخيص البناء التي مُنحت لإعادة الإعمار بلغ 57.072 ترخيصًا إلى حدود دجنبر 2024، لكن في الوقت ذاته، لم يجرِ توضيح مصير 4.000 رخصة بناء صدرت سابقًا”.
وتابع أنه “في شهر دجنبر 2024، تم الإعلان عن استكمال أو انطلاق أشغال البناء والتأهيل في 35.214 مسكنًا، لكن في مارس 2025، أعلنت اللجنة ذاتها عن انتهاء الأشغال في أكثر من 33 ألف منزل، مما يعني تراجعًا غير مفهوم في عدد المساكن التي يجري العمل عليها بدل تقدمها”.
وفي اجتماع لاحق للجنة البين وزارية، تم الإعلان عن استكمال الأشغال في 46.650 مسكنًا، وهو ما يمثل ،وفق المتحدث، “قفزة مفاجئة مقارنة بالأرقام السابقة، رغم أن التقارير الحقوقية والميدانية تشكك في طبيعة هذه الأشغال، التي لا تتجاوز أحيانًا طلاء الجدران الخارجية للمنازل”.
ويقول إثري في هذا السياق، إنه “إذا كانت المساعدات المالية شملت 57.652 أسرة، وأشغال البناء اكتملت فقط في 46.650 مسكنًا، فإن هذا يعني أن هناك أكثر من 11.000 أسرة لم تُنهِ أشغال البناء، ورغم ذلك، تدّعي السلطات أن عدد الخيام تراجع من 129.000 خيمة إلى 47 فقط”، مؤكدا أنه “رقم يصعب تصديقه ميدانيًا”.
وتساءل إثري عن مصير هذه الأسر التي لم تكتمل مساكنها بعد، ولم تُذكر ضمن التصريحات الرسمية، مشيرًا إلى أن تقارير حقوقية أكدت أن أزيد من 16% من الأسر المتضررة لم تتلق أي نوع من الدعم أو التعويض، وتم إقصاؤها بشكل نهائي من مختلف البرامج.
وشدد على أن “هذا الإقصاء شابته خروقات وتلاعبات في عمليات الإحصاء وتوزيع الدعم، حيث استفادت بعض الجهات والمقربون من أعوان السلطة المحلية من التعويضات، بينما تم تهميش المتضررين الحقيقيين، وهو ما أكدته الشهادات الموثقة التي تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأوضح إثري أن “الوعود الحكومية والتصريحات الإعلامية لا تعكس حجم المعاناة التي يعيشها الضحايا على الأرض، فالاحتجاجات والمسيرات والمراسلات والملتمسات والشكايات لا تزال متواصلة منذ قرابة عامين، دون حلول منصفة أو استجابة فعالة”.
وأضاف أن “المسيرات الاحتجاجية، وارتفاع الأصوات المتضررة في مختلف الوسائط، كلها تعبيرات عن أن المعاناة لا تزال مستمرة، وأن ما يتم الترويج له هو مجرد تغطية على واقع مليء بالحيف والتهميش، تعيشه الأسر المتضررة في خيام بلاستيكية مهترئة”.
وفي اجتماع اللجنة البين وزارية المكلفة بتنفيذ البرنامج المنعقد الخميس 10 يوليوز 2025، قال سعيد الليث، المدير العام لوكالة تنمية الأطلس الكبير، إن “هناك تقدما ملموسا في تنزيل البرنامج على كافة الأصعدة، لاسيما على مستوى عملية البناء والتأهيل، مشيرا إلى استكمال الأشغال في 46.650 مسكنا”.
كما توقع المسؤول نفسه خلال الاجتماع الذي ترأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، “إزالة كل الخيام المتبقية في منطقة الحوز في شهر شتنبر المقبل، بعدما انخفض عددها من 129.000 إلى 47 متبقية حاليا”.
تعليقات
إرسال تعليق