قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، إن “اعتماد تقنية المحاكمة عن بعد لتجاوز الظروف التي فرضها تفشي فيروس كورونا المستجد، يندرج ضمن استراتيجية بلادنا الهادفة إلى تطوير منظومة العمل القضائي والنهوض بحقوق الإنسان وتعزيز شروط المحاكمة العادلة”.
وأضاف الداكي في الندوة الوطنية حول موضوع : “التقاضي عن بعد وضمانات المحاكمة العادلة” بالمعهد العالي للقضاء، اليوم الثلاثاء، أن “الهدف من استخدام هذه التقنية هو ضمان استمرار سير مرفق العدالة بحكم أن القضاء يعد الملجأ الأول لضمان حماية الحقوق والحريات الأساسية، والذي يعتبر الفصل في القضايا لاسيما المرتبطة منها بالحريات، كتلك التي تتعلق بالأشخاص المتابعين في حالة اعتقال داخل آجال معقولة من أهم الآليات التي تكرس الحق في محاكمة عادلة”.
وتابع ابن جماعة تمصلوحت: “إذا كان القانون المغربي لم يتطرق صراحة إلى إمكانية اعتماد المحاكمة عن بعد بالنسبة للمتهم، فإن المادة 347-1 من قانون المسطرة الجنائية تنص على إمكانية لجوء المحكمة إلى استعمال تقنيات الاتصال عن بعد للاستماع إلى الشهود، كما أن مشروع قانون المسطرة الجنائية وانسجاما مع مخرجات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، جاء بمجموعة من المقتضيات القانونية المستجدة التي تعالـج موضوع المحاكمة عن بعد، والتي نأمل أن تجد طريقها إلى المصادقة عليها من قبل السلطة التشريعية في أقرب الآجال في أفق اعتماد الآليات المنظمة لتطوير عدالتنا”.
وأكد أن “موضوع المحاكمة عن بعد ما فتئ يثير نقاشاً بين من يتمسك بضرورة الحضور المادي شخصيا للمتهم أمام هيئة الحكم في قاعة المحكمة، وبين من يتبنى مفهوم الحضور الافتراضي للمتهم، وهذا الرأي الأخير هو ما تم تبنيه من طرف أغلب القضاء المقارن، الذي يؤكد على أنه لا وجود لأي تعارض بين المحاكمة عن بعد وضمانات المحاكمة العادلة وأن ما يتم التركيز عليه في هذه الرقابة القضائية هو جودة الوسائل التقنية المستعملة في المحاكمة والتي تمكن كافة أطراف الدعوى من التواصل وممارسة الإجراءات والتمتع بالضمانات في أحسن الظروف”.
وشدد على أن “اعتماد المحاكمة عن بعد باستعمال وسائل الاتصال السمعية والبصرية يدخل في إطار الرؤية المستقبلية للعدالة الرقمية التي تصبو إليها بلادنا، والتي تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف تتمثل بالخصوص في ترشيد الزمن القضائي ، وادخار الجهد، بما يضمن البت في القضايا داخل آجال معقولة، وكذا المساهمة في الحفاظ على المال العام وحسن تدبيره لما تحققه التقنية المذكورة من اقتصاد في نفقات الدولة عن طريق تفادي المصاريف والتكاليف الثقيلة التي يقتضيها نقل المعتقلين، وتوفير شروط حراستهم وحمايتهم”.
وحسب الداكي، فقد مكنت تجربة التقاضي عن بعد من “صون ضمانات المحاكمة العادلة داخل أجال معقولة، حيث تم منذ بداية العمل بها في 27 أبريل 2020 إلى غاية 16 أبريل 2021، (مكنت) من عقد 19139 جلسة عن بعد، أدرجت فيها 370067 قضية، استفاد منها 433323 معتقلا، وأفضت إلى الإفراج عن 11748 منهم، ولولا اعتماد هذه التقنية لما تمت محاكمتهم ولظلوا قيد الاعتقال”.
تعليقات
إرسال تعليق