في خطوة استباقية لوقف نزيف التجاوزات التي تعرفها عدد من الجماعات الترابية، باشرت وزارة الداخلية تنزيل توجيهات مركزية صارمة تستهدف تحييد المرافق الجماعية عن تدخلات المستشارين المنتخبين، في مسعى لحماية المرفق العمومي من التسييس وضمان احترام القوانين المؤطرة للعمل الجماعي. وقد قالت مصادر جيدة الاطلاع أن هذه التعليمات وُجِّهت إلى العمال والولاة قصد تعميمها على رجال السلطة الترابية في مختلف الأقاليم، ومنها إقليم الحوز.
ويأتي هذا التحرك الإداري الصارم بعد توصل الإدارة المركزية بـ"تقارير حالة" تفيد بتزايد تدخل مستشارين جماعيين في تدبير المصالح الإدارية، وقيامهم بوساطات مشبوهة لفائدة مرتفقين من دوائرهم الانتخابية، وهو ما اعتبرته الوزارة توظيفًا غير مشروع للنفوذ قد يدخل في باب استغلال المنصب لتحقيق أهداف انتخابية ضيقة.
وفيما لم يشر المصدر صراحة إلى أسماء أو جماعات معينة بإقليم الحوز، فإن سياق هذه التوجيهات يُحمّل السلطات الترابية في هذا الإقليم مسؤولية مضاعفة في تتبع مدى احترام القانون من طرف المستشارين، خصوصًا في ظل تنامي مؤشرات تشي بتجاوزات مشابهة في جماعات قروية وحضرية على السواء، سواء من خلال التوسط في الحصول على تراخيص أو التدخل في شؤون الموظفين الجماعيين.
وتنص المادة 66 من القانون التنظيمي 113.14 بوضوح على أن المستشار الجماعي، باستثناء الرئيس ونوابه، لا يحق له ممارسة أي دور إداري أو التوقيع على وثائق أو التدخل في شؤون التسيير اليومي للجماعة، ما يجعل أي تجاوز لهذا الإطار القانوني فعلاً يعاقب عليه وفق القوانين الجاري بها العمل، وقد يؤدي إلى متابعات إدارية أو حتى قضائية.
وتندرج هذه الخطوة ضمن مقاربة شمولية تروم تعزيز مبدأ الحياد الإداري وضمان تكافؤ الفرص بين المواطنين، بعيدًا عن أي شبهة للمحاباة أو الزبونية السياسية، لا سيما في المناطق التي تعاني هشاشة في بنية التسيير مثل العديد من جماعات إقليم الحوز، التي يشكل حسن تدبيرها رافعة حقيقية للتنمية المجالية والسياحية والاجتماعية.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن بعض الجماعات في الحوز تعرف حالات من التداخل غير السليم بين العمل التمثيلي والإداري، مع محاولات من منتخبين للتأثير على قرارات موظفين جماعيين، خصوصًا في الملفات المتعلقة برخص البناء أو التعمير أو التزود بالماء والكهرباء، وهو ما يعمّق من أوجه الفساد الإداري ويفاقم من أزمة الثقة بين المواطن والجماعة.
وفي انتظار الكشف عن مدى امتثال المنتخبين بهذه التوجيهات، تبقى الكرة في ملعب سلطات الحوز لتفعيل الرقابة الميدانية وإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، بما يضمن إعادة الاعتبار للمرفق الجماعي كفضاء لخدمة المواطنين، وليس كأداة للمصالح الشخصية أو الانتخابية.
تعليقات
إرسال تعليق