جاء في المادة الـ3 من المسطرة التي جاء بها وزير العدل عبد اللطيف وهبي المثيرة للجدل أنه “لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك”.
و في هذا الصدد، رأى محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن شكوك جمعيته كانت في محلها، وقال: “دائما كنا نقول إن تصريحات وزير العدل ليست تصريحات فردية لمسؤول حكومي، واتضح اليوم أننا كنا على صواب وأن هناك توجها يدفع باتجاه تحجيم أدوار المجتمع المدني والحقوقي”.
وأضاف الغلوسي، في تصريح صحفي، أن دستور 2011 جاء بمكتسبات مهمة في المجال الحقوقي والمدني، إذ اعتبر أن المجتمع المدني “شريك أساس في تقييم وصناعة السياسات العمومية”، لافتا إلى أن الاعتقاد كان يسير نحو “تعديل قانون الجمعيات لمنح فضاء واسع من الحرية للممارسة الجمعوية والحقوقية، إلا أنه، للأسف، مع هذه المادة، اتضح أن التوجه أو الجهات المستفيدة من واقع الريع والفساد والرشوة هي الجهات نفسها التي دفعت باتجاه إقبار قانون الإثراء غير المشروع”.
وزاد موضحا أن “الجهات التي تضايقت من المتابعات القضائية المحركة ضد لصوص المال العام والمفسدين، هي الجهات نفسها التي تتضايق من عزل القضاء الإداري لبعض المنتخبين، وهي الجهات التي تسعى اليوم إلى إغلاق آخر منافذ الرقابة المجتمعية على المال العام من خلال منظمات ومؤسسات المجتمع المدني والحقوقي”.
وأكد الغلوسي أن إغلاق هذه المنافذ يأتي من أجل “الحفاظ على مواقع ومراكز تضخ مصالح ومنافع وامتيازات على هؤلاء الأشخاص، بعد متابعة مجموعة من المنتخبين والبرلمانيين أمام القضاء”، معتبرا أن المؤسسة التشريعية تواجه اليوم مأزق “التوظيف بشكل فج، من أجل تمرير نص قانوني يوفر الحماية والحصانة لهؤلاء من جهة، ويقوض من جهة ثانية التزامات المغرب الدولية في مجال مكافحة الفساد”.
وردا على التهم التي توجه لجمعيات حماية المال العام بالاستهداف والابتزاز السياسي، قال الغلوسي إن القضاء هو الذي “يبرئ أو يدين أي شخص، والجميع يجب أن يخضع للقانون ونحتكم جميعنا للقضاء”، مؤكدا أنه ليس بالضرورة أن تكون كل الأحكام عبارة عن إدانة للمتابعين، معتبرا أن المادة 3 من المسطرة الجنائية فيها “اعتداء صريح على اختصاص النيابة العامة وأقسام جرائم الأموال في محاكم الاستئناف بأربع جهات”.
تعليقات
إرسال تعليق