على بعد أيام قليلة من حلول الموعد الذي اهتزت فيه الأرض بشكل عنيف تحت أرجل ساكنة عدد من دواوير منطقة الحوز وإكمال كارثة الزلزال التي ظلت راسخة في أذهان المغاربة لعامها الأول، لم يبد عدد من ساكنة هذه دواوير رضاهم بمستوى أشغال البناء ووتيرة توصل المتضررين بمبالغ دعم إعادة بناء أو تأهيل المساكن المتضررة، متخوفين من “استمرار هذا التأخر لأشهر وسنوات أخرى”.
ورش إعادة بناء وتأهيل المساكن المتضررة من الزلزال شَكَّل واحدا من البرامج التي ركز عليها رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في مذكرته التوجيهية للوزراء بخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2025، حيث أكد مواصلة تنزيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من آثار زلزال الحوز، مشيرا إلى مواصلة تقديم الدعم المباشر من أجل إعادة إيواء السكان المتضررين وتأهيل البنيات التحتية المتضررة، إلى جانب العمل على تأهيل هذه المناطق وتنميتها.
وبلغة الأرقام، كشف أخنوش أنه بعد قرابة سنة من وقوع هذه الفاجعة المؤلمة، تم إحصاء 59.438 بناية متضررة، وإلى حدود فاتح يوليوز، تم صرف 1,4 مليار درهم لفائدة حوالي 57 ألف مستفيد، منها مليار و100 مليون درهم تخص الشطر الأول من الإعانات الذي حدد في 20 ألف درهم لكل مستفيد، مضيفا أنه بالنسبة للشطر الثاني من الإعانات والتي حددت في 20 ألف درهم بالنسبة لأشغال التأهيل و40 ألف درهم لأشغال إعادة البناء، فقد تم صرف 206 مليون درهم لفائدة 9.584 مستفيد.
محمد بلحسن، فاعل حقوقي وناشط جمعوي بمنطقة أمزميز، قال “إننا نتخوف من أن يمتد تأخر مشاريع البناء وتقديم الرخض وإخراجنا من المعاناة لأكثر من سنة”، لافتا إلى أنه “إذا استمر تدبير هذه الأوراش بالصيغة التي دبرت بها طوال هذه السنة فإنه من المؤكد أن معاناة الساكنة ستستمر لأشهر إضافية”.
وأضاف بلحسن، في تصريح صحفي، أن “الأرقام التي قدمها رئيس الحكومة لوحدها كافية لتبين حالة تقدم أوراش البناء في منطقة الحوز”، مبرزا أن “أغلبية الساكنة المتضررة تلقت الدفعة الأولى فقط من الدعم المخصص لإعادة البناء أو التأهيل”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “ارتفاع عدد المتضررين الذي تلقوا الدفعة الأولى فقط من دعم السكن يعني أن عملية البناء متأخرة جدا”، وزاد مفسرا أن “السلطات المحلية تشترط إكمال المتضررين لبناء أساس المنزل لقبول طلب حصولهم على الدفعة الثانية”.
وسجل المصدر نفسه أنه “إذا أخدنا بأرقام رئيس الحكومة التي تقول بأن من استفاد من الشطر الثاني والثالث بلغ 9 آلاف و548 مستفيد يعني أن قرابة 50 ألف متضرر لازال لم يستفد من الدفعة الأولى وبالتالي فإنه لازال لم يكمل بناء أساس منزله”.
“هناك بعض الأحياء التي لم يرفع أصحابها إلى حدود اليوم الأنقاض فما بالك بوتيرة إعادة البناء”، يصف بلحسن أوضاع دواوير أمزميز التي لازلات أحياءها شاهدة على هزة الثامن من شتنبر، ويواصل أنه “بعد سنة من الهزة العنيفة وتدميرها للعديد من الأحياء لم تغير إجراءات الحكومة سوى جزء بسيط من هذا الدمار”.
وبخصوص الدعم المخصص للأسر المتضررة والمحدد في 2500 درهم شهريا، أبرز الفاعل المدني أن “عدد من الأسر انقطع عليها الدعم لقرابة 3 أشهر دون معرفة سبب ذلك أو تقديم السلطات المعنية لمبررات مقنعة لهذا الانقطاع المفاجئ للدعم”.
ولدى سؤاله عن أعداد الأسر التي انقطع عليها الدعم، أفاد بلحسن أنه “حسب المنطقة التي أعيش فيها والتي لدي دراية بها فإنه لا يخلو أن حي من أسر انقطع عليها الدعم دون أن تعرف سبب ذلك”، مشددا على أن “الخطير أن بعض الأسر انقطع عليها الدعم الشهري وحصلت على الدفعة الأولى من دعم السكن فقط”.
وفي ما يتعلق بأسعار مواد البناء في المناطق المتضررة من الزلزال، أجاب المتحدث ذاته رئيس الحكومة الذي قال إنه تم إحداث نظام يقظة لتتبع أسعار مواد البناء الأساسية في هذه المناطق بأن “واقع الحال يكذب هذه الإجراءات بحكم الارتفاع المستمر للأسعار”.
وأورد الناشط الحقوقي أنه “فقط قبل عيد الأضحى عرفت مواد البناء ارتفاع “غير مسبوق”، مسجلا “ارتفاع شحنة واحدة من الرمال أو الحصى بقرابة 300 درهم مقارنة بثمنها قبل عيد الأضحى”، منتقدا “غياب مراقبة السلطات المحلية لهؤلاء التجار على الرغم من منحهم ريع يستفيدون منه”.
وبخصوص الساكنة المتضررة من الزلزال التي لم تكمل بعد إعادة تأهيل أو بناء المساكن، أشار المتحدث ذاته إلى “أن معظمهم لايزال يبيت في الخيام البلاستيكية خلال هذه الأسابيع التي عرفت درجات حرارة مرتفعة مقابل نسبة قليلة ممن التجأت إلى خيار الكراء”.
وعن المنطقة التي يقطن فيها المصرح نفسه، أورد أن “المدارس التي تضررت في منطقة أمزميز لاتزال أغلبها على نفس الحال”، مبديا تأسفه من “إمكانية انطلاق الموسم الدراسي المقبل في نفس الظروف وفي نفس القاعات المركبة والمتنقلة التي يقاوم فيها التلاميذ حر الصيف وبرد الشتاء”.
تعليقات
إرسال تعليق