التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحوز المنسي.. حين تفضح الكوارث تواطؤ التهميش وتكشف زيف العدالة المجالية




إبراهيم الغدويني

أسفر زلزال الأطلس الكبير عن خسائر بشرية ومادية كبيرة، ومعاناة إنسانية مؤلمة لازال الكثير من المواطنلت والمواطنين المتضررات والمتضررين يعيش تحت وطأتها إلى يومنا هذا.

لكن، بالمقابل فقد كشف الزلزال عن جانب آخر مظلم لايمكن غض الطرف عنه أو تجاوزه، وأبرز تجليات ذلك هو قدرة تعريف العالم بهذا الحيز المجالي والجغرافي الذي لم يكن معروفا وكان يتم التغطية عنه بجعل العالم بمغرب التي جي في والمونديال. مجال مغيب كعادة مغرب الهامش المفتقد للعناية والاهتمام على مستوى التنمية والرعاية في كل تجلياتها، وغياب من التداول في الاعلام الرسمي وشبه رسمي. مجال غني طبيعيا وموارديا ولكنه معدم تنمويا لدرجة شعور زائره بالسفر عبر الزمن الى العصورالوسطى ماقبل نهضة الطباعة والمحرك البخاري.

من بين هذه المناطق نذكر إقليما كان ولازال جرحه غائرا في قلوبنا وأذهاننا بسبب معادلة سياسية جائرة جعلته يعطي كل شيء و لا يأخذ أي شيء وخندقته في خانة المغرب غير النافع الذي لا يذكر إلا كرقم وخزان انتخابي، ليس لأنه غير نافع فعلا ، بل لأن صانعي السياسات العمومية بالبلاد قصت أجنحته بالإهمال وأفرغت بطارياته فأخذت من التل وجعلته يختل .

يتعلق الأمر هنا بإقليم " الحوز " ، هذا الإسم الذي يشكل في حد ذاته عنوانا لاحتقار مجالي وتهميش على كل المستويات . إذ على مستوى الواقع وبلغة الأرقام يتبين بجلاء أننا بصدد مغربين : مغرب الواقع ومغرب المواقع والإعلام الرسمي والخطابات الرسمية ، فالمشهد في " الحوز " قاتم و حالك على جميع الأصعدة، حيث الخدمات الاجتماعية شبه منعدمة والبنيات التحتية مغيبة أو مهترئة في افضل حالاتها إن وجدت، أما على المستوى الصحي ، فعدد سيارات الإسعاف المتوفرة على تجهيزات المستعجلات في إقليم الحوز مثلا هو صفر (00) وعدد سيارات الإسعاف العادية التابعة لوزارة الصحة في الإقليم هو تسعة وعشرين ( 29 ) ، ولكم أن تتخيلوا إقليما شاسعا بحجم " الحوز " يضم فقط 29 سيارة إسعاف تابعة لوزارة الصحة بتركيبته الجغرافية الصعبة ، وعلى مستوى الكشف عن سرطان الثدي فهو غير متوفر نهائيا في الحوز، وعدد أجهزة الكشف بالتصوير بالرنين المغناطيسي IRM في الحوز هو صفر ( 00 ) ، أما على مستوى العنصر البشري في القطاع العام ، فعدد الأطباء في المجال الحضري هو إثنا عشر طبيبا ( 12 ) ، و بالمقابل فعدد الأطباء في المجال القروي هو تسعة و عشرون طبيبا ( 29 ) ، علما أن أطباء القطاع العام المتخصصين لا يتجاوزون أربعة أطباء في الإقليم ككل ، وبالنسبة للممرضين فعددهم بالإقليم هو أربعة و عشرون في العالم الحضري ( 24 ) وستة وتسعين في العالم القروي ( 96 ) .وبلغة الأرقام دائما فبالنسبة لعدد الأسرة في الإقليم فالرقم صادم و قوامه سرير لكل 10300 مواطن ، وعدد الأطباء هو طبيب لكل 4735 مواطن ( الحديث هنا عن أطباء القطاعين العام والخاص )؛ هذا ولابد من من استحضار معطى اننا بصدد الحديث عن إقليم يضم أكثر من 650.000 نسمة .

هذا الوضع الكارثي يمتد ليشمل التعليم والطرقات والقناطر وغيرها من البنيات التحتية . إنها أرقام تتحدث عن نفسها وصادمة للمتلقي أيا كان، فما بالك بالذي يعيشها ويعاني تحت وطأة قساوتها، غير أن سوداوية الوضع و غرابته ستزداد وتتضاعف عندما الوقوف على إمكانيات " الحوز " و موارده الهائلة المتنوعة، حيث سيتبين بالملموس أن الحوز ليس فقيرا، بل تم تفقيره ، و ليس مغربا غير نافع ، بل مغرب نافع أراد له صناع القرار ببلادنا أن يضع بيضه في سلة المركز والاقطاب المركزية جهويا .

تعتبر منطقة "الحوز " غنية بالثروة المعدنية في مناجم يتم استغلالها من طرف مجموعة من الشركات المغربية والأجنبية من بينها مجمع كماسة و مجمع الحجار ودرع الصفار و مايا كولد ( شركة كندية ) و أزكوندير و غيرها ، و تستخرج من الحوز الاف الأطنان من معادن الزنك والرصاص والنحاس والفضة والذهب واليورانيوم ومعدن الكوبالت الذي يعد معدنا نفيسا مطلوبا في الصناعات العالمية الحديثة.

بالإضافة إلى هذه الثروة المعدنية المهمة ، فالإقليم يضم موارد مائية مهمة و يعتبر حاضنا لتنوع نباتي وحيواني في غاية الأهمية ، كما أن له خلفية تاريخية لا يستهان بها ، إذ شكل منطلقا ومستقرا لمجموعة من الدول التي حكمت المغرب في مراحل تاريخية مختلفة تركت اثارا تاريخية مهمة يمكن استثمارها لجعل المنطقة قطبا سياحيا قائم الذات عوض جعله مجرد حديقة خلفية تابعة لمجالات أخرى .

إن حال إقليم الحوز يسائل بجدية قضية العدالة المجالية ، و يبرز الحاجة الملحة للنظام الفيديرالي الذي من شأنه ضمان التوزيع العادل للسلطة والثروة والقيم ، والقطع مع نموذج الدولة اليعقوبية المتمركزة بإفراط في العاصمة والتي توظف ثروات الجهات ومقدراتها في تنمية "المركز" وصنع خريطة غير عادلة بمفاهيم كولونيالية متجاوزة وغير مقبولة،وإنهاء صلاحية توابل "الجهوية المتقدمة" التي ظلت رهينة سقف الشعارات والاستهلاك الاعلامي دون إحداث تغيير واقعي في الواقع على الارض مجاليا وتنمويا واجتماعيا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامل إقليم الحوز يوقف رئيس بلدية أمزميز ونائبه الثاني ويحيل ملفهما إلى المحكمة الإدارية لعزلهما

 دخل ملف علال الباشا رئيس جماعة أمزميز ونائبه عبد الغني وحمان المنتميان لحزب التجمع الوطني للأحرار، مرحلة حاسمة، بعد أن قرر عامل الإقليم مصطفى المعزة توقيفه من مهامه بشكل رسمي بالتزامن مع تقدمه بطلب إلى المحكمة الإدارية بمراكش يقضي بعزل الباشا ووحمان من منصبهما، وذلك بناءً على ملف ثقيل أعدته المفتشية العامة للإدارة الترابية (IGAT) في عدة مجالات مرتبطة بالتدبير الجماعي.   وحددت المحكمة الإدارية في مراكش جلسة بتاريخ الثلاثاء 9 دجنبر 2025 للنظر في ملف عزل الرئيس علال الباش ونائبه الثاني عبد الغني وحمان، الذي يستند إلى المادة 64 من القانون التنظيمي رقم 113.14، والمتعلق بمسطرة العزل في حالات الإخلال الخطير بقواعد الحكامة وتدبير الشأن المحلي.

هذا ما قررته محكمة الإستئناف في حق محمد أمكيزو رئيس جماعة مولاي إبراهيم

قررت محكمة الاستئناف بمراكش، اليوم الخميس رابع دجنبر الجاري، تأجيل محاكمة محمد أمكيزو، رئيس جماعة مولاي إبراهيم، ومن معه، إلى غاية 25 دجنبر الجاري، وذلك من أجل منح هيئة الدفاع مزيداً من الوقت للاطلاع على تفاصيل الملف وتقديم دفوعاتها. وجاء التأجيل في سياق الجلسات الاستئنافية المتعلقة بالقضية التي تواصل إثارة اهتمام المتتبعين المحليين. وكان أمكيزو قد استفاد من حكم البراءة ابتدائياً، بعدما قضت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بتاريخ 20 يونيو الماضي ببراءته من التهم التي كان متابعاً بها، والمتعلقة بجنايتي تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته. وقد جاء هذا الحكم بعد مسار طويل من التحقيق التفصيلي الذي باشره قاضي التحقيق بناء على ملتمس الوكيل العام للملك. وتنتظر ساكنة جماعة مولاي إبراهيم، ومعها الرأي العام المحلي، ما ستؤول إليه الجلسة المقبلة بتاريخ 25 دجنبر الجاري، والتي من المرتقب أن تكون حاسمة في تحديد المآل القضائي للملف. وبين البراءة الابتدائية والمسار الاستئنافي، يظل الملف مفتوحاً على جميع الاحتمالات، في انتظار كلمة القضاء التي ستضع حداً للجدل الذ...

توقيف مُضرم النار في سيارتين تابعتين لعنصرين للدرك الملكي بأمزميز

  تمكنت مصالح الدرك الملكي بأمزميز، اليوم الثلاثاء ثاني دجنبر، من وضع حد لحالة الاستنفار التي عاشتها المنطقة خلال الأيام الماضية، بعد إيقاف الشخص المشتبه في تورطه في عمليتي إضرام النار في سيارتين تابعتين لعناصر الدرك الملكي داخل تجزئة الأطلس بجماعة أمزميز بإقليم الحوز. وكانت التجزئة قد اهتزت فجر السبت الماضي على وقع اعتداء جديد استهدف هذه المرة سيارة دركية تقيم بالحي نفسه، وذلك بعد أيام قليلة فقط من حادث مشابه طال سيارة دركي آخر. وقد وثّقت كاميرات المراقبة بالشارع العام لحظة إقدام شخص ملثم على سكب مادة سريعة الاشتعال وإضرام النار قبل الفرار نحو وجهة مجهولة، في مشهد خلق حالة من القلق وسط الساكنة. وفور وقوع الحادث الثاني، أطلقت القيادة الإقليمية للدرك الملكي بالحوز تحقيقاً موسعاً، اعتمد على تحليل تسجيلات الكاميرات وجمع المعطيات التقنية والميدانية، ما أسفر في النهاية عن تحديد هوية الجاني وتوقيفه صباح اليوم. وتحاول المصالح المختصة حالياً فك لغز الدوافع الحقيقية وراء هذه الأفعال الخطيرة، التي استهدفت بشكل مباشر أجهزة الأمن، في وقت تتواصل فيه التحريات للكشف عن أي ارتباطات محتملة أو جهات ...

بعدما أحال العامل ملفهما للعدالة بهدف عزلهما.. هذا ما قررته المحكمة الإبتدائية في حق رئيس جماعة أمزميز ونائبه الرابع

  قررت شعبة القضاء الشامل والإلغاء بالمحكمة الإدارية الابتدائية بمراكش، زوال اليوم الثلاثاء 9 دجنبر 2025، إرجاء البت في ملف عزل رئيس جماعة أمزميز، علال الباشا، ونائبه الثاني عبد الغني وحمان، المنتميين لحزب التجمع الوطني للأحرار، إلى غاية 16 من الشهر الجاري، وذلك قصد تمكين جميع الأطراف من استكمال إعداد دفوعاتهم. ويأتي طلب العزل استنادا إلى تقرير أنجزته المفتشية العامة للإدارة الترابية، تضمن رصد جملة من الاختلالات المرتبطة بتدبير الشأن المحلي داخل الجماعة، فضلا عن الاعتماد على مقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي رقم 113.14، التي تنظم مسطرة العزل في حالات الإخلال الخطير بقواعد الحكامة والتسيير. وكانت السلطات الإقليمية قد قررت في وقت سابق توقيف رئيس الجماعة ونائبه عن مزاولة مهامهما، قبل إحالة الملف على أنظار المحكمة الإدارية المختصة قصد البت فيه، وذلك في سياق الحرص على احترام المساطر القانونية وتكريس مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير الشأن الجماعي.

انطلاق الجلسة الثانية من اجتماعات تسريع إنجاز الأسواق النموذجية بإقليم الحوز + صور

انطلقت قبل قليل من صباح يومه الثلاثاء ثاني دجنبر الجاري، الجلسة الثانية من الاجتماعات المخصصة لتسريع إنجاز الأسواق النموذجية بعدد من الجماعات، وذلك برئاسة الكاتب لعمالة إقليم الحوز،، وبحضور رؤساء الجماعات الترابية المعنية وممثلي المصالح الخارجية والهيئات المهنية المرتبطة بالقطاع التجاري. وتندرج هذه الاجتماعات ضمن الدينامية التي يشرف عليها عامل الإقليم مصطفى المعزّة لتسريع وتيرة المشاريع الرامية إلى تنظيم التجارة وتحسين ظروف اشتغال الباعة. وتأتي هذه الجلسة في إطار التنسيق مستمر بين السلطات الإقليمية برئاسة العامل المعزة والجماعات ورؤساء المصالح المعنية، بهدف بلورة نموذج جديد للتنظيم التجاري، وتوفير فضاءات حديثة وآمنة تستجيب لحاجيات الساكنة. ومن المنتظر عقد جلسات إضافية مستقبلا لمتابعة التقدم المحقق وتسريع وتيرة الأشغال إلى حين افتتاح الأسواق في أقرب الآجال.