باشرت مصالح مالية وأقسام التحصيل الجبائي بعدد من الجماعات الترابية بجهة مراكش آسفي حملة واسعة لاسترجاع متأخرات ضريبية عمرت لأكثر من 15 سنة دون تصفية، في إطار تفعيل توجيهات وزارة الداخلية بشأن تعبئة الموارد الذاتية وتحسين الحكامة المالية.
وبحسب مصادر متطابقة، فقد انطلقت عمليات افتحاص وتدقيق في أرشيفات الجماعات المحلية، بهدف تتبع الإقرارات القديمة غير المنجزة، والتحقيق في التزامات جبائية كانت في حكم "الميتة"، ليعاد إحياؤها من خلال تحيين الجداول ومراسلة المدينين، بالتنسيق مع المصالح الخارجية، في إطار مساطر قانونية دقيقة تشمل الأداء الكلي أو الجزئي أو الإعفاء حسب الحالات.
وأسفرت هذه الحملة، التي تواكبها عمالة الجهة وإدارات المالية الجماعية، عن تحصيل مبالغ مالية هامة، أعادت الحياة إلى مشاريع مبرمجة سابقا، كما تم ضخها في تمويل اتفاقيات تنموية عالقة. وأوضحت المصادر أن الجماعات الترابية استفادت من دعم وزارة الداخلية، خاصة في ما يتعلق بتفعيل مقتضيات القانون 14.25 المغير والمتمم للقانون 47.06 الخاص بجبايات الجماعات، الذي يشدد على ضرورة تسريع إجراءات التحصيل وتجاوز الأعطاب المزمنة في تدبير الموارد.
وفي سياق متصل، توصل رؤساء الجماعات بتقارير دقيقة وملاحظات من ولاة وعمال حول التأخر في إحالة ملفات المدينين على القباض، وهو ما أعاق تفعيل التحصيل القسري، وسمح بتراكم الديون على مدى سنوات. وتعمل السلطات على تصنيف المدينين حسب درجة المخاطر، لا فقط حسب قيمة المبلغ، لضمان نجاعة التحصيل وتحقيق السيولة المالية الكافية.
كما تم فتح ملفات إعفاءات وصفت بـ"المشبوهة"، حيث تبين أن بعض الرؤساء استخدموا القانون 82.17 بشكل انتقائي، لتطهير ديون مستحقة لفائدة الجماعات من الذعائر والغرامات، وهو ما كبّد الجماعات خسائر فادحة أثرت على توازن ميزانياتها، خاصة تلك المرتبطة بالرسوم المحلية والضرائب العقارية.
جهة مراكش آسفي، التي تضم جماعات كبرى تعرف اختلالات مالية مزمنة، تبدو اليوم أمام تحدٍّ حاسم لتكريس الشفافية وتعزيز مواردها الذاتية بعيدًا عن دعم الدولة، من خلال تصفية الإرث الثقيل من الملفات العالقة، والتأسيس لمرحلة جديدة من الحوكمة المالية.
تعليقات
إرسال تعليق