إبراهيم مغراوي *
عـد القطاع السياحي فـي المغرب أحد المحركات الرئيسـية للتنمية الاقتصادية ومكافحة الفقر، باعتباره من بين القطاعات ذات الأولوية فـي الاقتصاد الوطني عامة وبجهة مراكش أسفي خاصة، بفضل مساهمته فـي الناتج الداخلـي الخام، غير أنه مازال غير مستغل بما يكفي، من قبيل عدم تثمين الخبرات المحلية للفاعلين في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. ومن أجل استغلال الثروات التي يزخر بها الوسط القروي بشكل أفضل، تسعى هسبريس إلى تسليط الضوء على السياحة الإيكولوجية بجماعة تغدوين كنموذج قروي في بإقليم الحوز.
ولأن تطوير التنمية السياحية القروية مشروط بسلسلة من الشروط، فما هي الإمكانيات التي تزخر بها هذه الجماعة التي توجد بوسط جبلي؟ وكيف يمكن النهوض بالسياحة الإيكولوجية وتثمين الموارد الطبيعية التي يزخر بها هذا الوسط القروي؟ وبأي معنى يمكن الحديث عن الإمكانيات الكبيرة والمتنوعة لهذه الجماعة؟ وإلى أي حد تتوفر الجماعة على البنية التحتية المساعدة على ولوج القرى والمناظر الطبيعية؟.
السياحة القروية مطلب
عبد المجيد مراد، مرشد سياحي أوضح أن “المؤهلات التي يمتاز بها إقليم الحوز عامة، والجماعة الترابية القروية خاصة، متنوعة، منها ما هو طبيعي وأركيولوجي، وهي شروط تحفز على تأسيس سياحة إيكولوجية بالمنطقة؛ لكن إلى حد الآن يصعب الحديث عن ذلك، في وقت يحضر هذا الموضوع في نقاشات وكالات الأسفار والمرشدين السياحيين، بشكل ثانوي، وكورقة للترويج لمنتجهم، ما ينعكس سلبا على وضعية السكان الذين يعيشون في الدواوير المنتشرة بجبال الأطلس الكبير، ولا يساعدهم على تجاوز الهشاشة والفقر المدقع”.
وفي لقاء مع هسبريس، قال المرشد السياحي ذاته: “لنجاح السياحة الإيكولوجية شروط يجب الأخذ بها من طرف الزبون، الذي عليه أن يكون في مستوى معين من الوعي والأخلاق، لوجود ميثاق شرف ينص على عدم إلحاق الأذى بالبيئة الطبيعية للمنطقة، كفضاء ‘ياكور’ الذي يضم نقوشا تعود إلى ما قبل التاريخ”، وزاد: “المناطق الرطبة لا تعار أي عناية، ما يؤدي إلى تغير النظام البيئي بانقراض أنواع من النباتات (plante endémique)”.
ورش المدارات
عبد الكريم واشيخ، رئيس جمعية أسافو للتنمية، أوضح خلال لقاء نظم بجماعة تغدوين لإعداد برنامج عمل الجماعة أن “للتنمية المستدامة عدة مداخل، منها السياحة الإيكولوجية أو القروية؛ لذلك يجب إحداث مدارات سياحية داخل هذه الجماعة من أجل تثمين الغنى الإيكولوجي لتغدوين”، مردفا: “لهذا وضعنا برنامجا بالتنسيق مع السلطة المحلية، سيستغرق حوالي 4 شهور لتهيئة وصيانة المدار السياحي تغدوين عين سيدي وافي وتلاتاست”.السياحة الإيكولوجية إنعاش
“نظرا لأن الاقتصاد السياحي يفرض تنويع المنتج الذي يقدم للزبون، فهذا التحدي تستطيع الجماعة الترابية القروية تغدوين أن تساهم فيه، لأنها تتوفر على مؤهلات كبيرة لإنجاح تنمية السياحة الإيكولوجية وفق إستراتيجية ستضاعف المداخيل وتحافظ على التنوع البيولوجي والبيئة؛ وهذا الهدف يحتاج إلى العمل بشكل جماعي والتعاون مع باقي المتدخلين، للتشجيع على الاستثمار بمنطقة فتية”، حسب عبد المجيد مراد.تغدوين هبة وادي الزات
مصطفى القاضي قال من جهته، في لقاء تواصلي بهذه الجماعة، إن الأخيرة “تتوفر على مؤهلات كثيرة، منها منطقة ‘ياكور’ التي تتميز بنقوش تعود إلى ما قبل التاريخ، وفضاءات طبيعية، لأن تغدوين توجد بين سلسلة جبال الأطلس الكبير؛ لكن مشكلة معالجة المياه العادمة تظل نقطة سوداء، تخدش السياحة الإيكولوجية”.
وأجمعت تدخلات عدة على أن تحقيق تنمية فعالة وشاملة يفرض العناية بعدة مجالات، من قبيل سياحة العلاج بالمياه المعدنية بعين سيدي وافي، وتشجيع الاستثمار وتنظيم معارض، وهيكلة مركز الجماعة، والعناية بالعمارة الأمازيغية، ومحاربة زحف الإسمنت، وتنظيم معارض للصناعة التقليدية، ودعم الاقتصاد التضامني، عبر تشجيع تأسيس التعاونيات.
الولوج سهل
“كل المناطق الخلابة بجماعتنا سهلة الولوج”، يقول أحمد أبرجي، رئيس جماعة تغدوين، مضيفا: “يعمل المجلس الجماعي على دعم البنيات التحتية عبر توطين عدة قناطر، وذلك في إطار شراكة بينه وبين مجلس العمالة، وصندوق محاربة الفوارق المجالية، ومنها أطول قنطرة بإقليم الحوز، على وادي الزات، أنجزت بتعاون مع صندوق محاربة الفوارق المجالية (450000 درهم)، حيث ساهمت الجماعة كحامل للمشروع بغلاف مالي يقدر بـ 8500000.0 درهم”.
“وبعدما ربطنا الجماعة بـ’إمين نرك’، الطريق الوطنية رقم 09، بتوسيع وتقوية الطريق، نعمل حاليا على تهيئة مركزها. وقمنا بإصلاح عين سيدي وافي، ذات المياه المعدنية”، يتابع المسؤول ذاته، مشيرا إلى أن “عدة قناطر فتحت، الأولى تهم دوار إكيس بمشيخة الزات، والثانية بمنطقة ‘مريوات’ بمشيخة تغدوين، مع قنطرة بتاصورت، وأخرى بوايفيرت بمشيخة أيت إنزال لوضا؛ بالإضافة إلى المنشئات الفنية الصغيرة على الشعاب”.
احترام البيئة شرط للسياحة
من جانبه، أكد مروان شويوخ، رئيس المجلس الإقليمي للسياحة بالحوز، أن النهوض بالقطاع السياحي في الإقليم “يرتكز على الاستغلال الأمثل واللائق لمؤهلاته ولمجاله الجغرافي وللعامل البشري، عبر مقاربة تشاركية تضمن التنسيق بين جميع المتدخلين، من سلطات محلية ومجالس منتخبة ومجتمع مدني، وتضع نصب العين تحقيق إقلاع سياحي على مستوى جميع الجماعات الترابية بالإقليم”.هسبريس
تعليقات
إرسال تعليق