التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هكذا يقضي متضررو زلزال الحوز شهر رمضان


 

رمضان تحت الخيمة وحيدا لا يشبه رمضان وأنا مع عائلتي داخل بيتي الدافئ”، هكذا عبّر لحْسن عما يخالج صدره في أول أسبوع من رمضان الذي يحل بعد 6 أشهر من كارثة الحوز، وقد فقد كل أفراد الأسرة عندما انهار منزله على رؤوس من فيه جراء الزلزال الذي هز المغرب في الثامن من سبتمبر/أيلول 2023.

في الطريق إلى قرية مولاي إبراهيم التي تبعد حوالي 50 كيلومترا عن مراكش، نترك المدينة الحمراء بعد ليلة صاخبة احتفاء بقدوم الشهر الفضيل، وتلوح في الأفق جبال الأطلس الشامخة أمام عين تتأمل وذهن يتساءل: ماذا تخبئ هذه الجبال يا تُرى؟ هل يعيش سكانها نفس الحماسة؟ أم هي حاجز بين نقيضين؟

في أثناء المضي راجلا إلى أعلى قمة القرية الجبلية، لا تخطئ العين الخيام المنتشرة في كل الأنحاء، وكيف مُهّدت الطريق بعد تنظيفها من الحجارة ولم يخطئ شعور النفس أن “سِيدنا رمْضان” (تسمية مغربية) قد حط رحاله في هذا المكان أيضا.

عائلة عبد الكبير المتضررة من زلزال الحوز تقضي رمضان في خيمة وسط أجواء باردة (الجزيرة)

رمضان الخيام

داخل خيمة منهكة بقساوة الشتاء، يوزع العم عبد الكبير حساء “الحريرة” في انتظار أذان المغرب، ويقول “أتانا رمضان هذا العام تحت الخيام، الجو بارد لم نشعر فيه بجوع أو عطش. الحمد لله كان اليوم طيبا، رغم الظروف السيئة داخل الخيمة، لكن لا بد من الصبر”.

“الإنسان يقضي يومه بما قسمه له الله”، تقول ثورية زوجة عبد الكبير مشيرة إلى المائدة مُعرّفة مصدر طعام بينه ما جاد به المتعاطفون.

في ركن من الخيمة وُضع تلفاز صغير، تقول ثورية بنبرة صوت بها وجع “ذكّروني بوقت الزلزال”، ويشاركها الزوج شعورها ويتابعان المسلسل الأمازيغي “بابا عْلي” في لحظة تقتسمها -عند الإفطار- معظم عائلات القرية، وكأن المشهد الذي استهل به المسلسل قد أعاد إلى أذهانهم شعور الألم ومشاهد الدمار.

“فقدنا أبناءنا ومعهم أملاكنا.. وحدي من نجا”. مشهد من المسلسل رأى فيه بَدر ابن عبد الكبير قصة لحْسن الناجي الوحيد من أسرته، وانتاب الانطباع نفسه غيره من أفراد القرية الذين التقتهم الجزيرة نت بعد صلاة التراويح.

ويقول سعيد شاب ثلاثيني “تألمت وأنا أتابع المشهد، لقد عاد بي إلى الوراء ولما حدث للحْسن. كنتُ حاضرا ولا تغيب عن ذهني لحظة انتشال جثة زوجته وهي تحتضن طفلها”.

السّي لحْسن يقضي أول رمضان وحيداً بعد وفاة زوجته وأطفاله في زلزال الحوز/ مصدر الصورة: الجزيرة نت
لحْسن يقضي رمضان وحيدا بعد وفاة زوجته وأطفاله في زلزال الحوز (الجزيرة)

رمضان دون أهل

في صباح اليوم التالي، التقت الجزيرة نت لحْسن ووجدناه عند باب دكانه يرتب بضاعته، واستقبلنا بابتسامة لطيفة تسلّلت من وسط تقاسيم وجهه الحزين.

“كيف حالك يا عم؟”. رحب بنا وأجاب: الحمد لله على كل حال. وقال للجزيرة نت “فقدتُ جميع أفراد أسرتي، زوجتي وطفلي وبناتي الثلاث، لن يكون رمضان هذه السنة مثل سابقه، ذهب البيت الذي يسترنا، ورحلت الأسرة التي تعبنا في رعايتها واعتدنا لمّتها”.

ويضيف وهو ينقل الأشياء من مكان إلى آخر “أحاول هذه الفترة أن أنشغل بأي شيء، أصبحت أعيش كأحمق تلاحقه المواجع، لكن الحمد لله هذا ابتلاء يرزق معه ربي الصبر”.

بعد صلاة عصر أول أيام رمضان، داعبت الأذن أصوات ندية تتلو القرآن الكريم بشكل جماعي، تعقبنا مصدر الصوت، وهناك قابلنا إماما شابا بجلبابه المغربي يتحلق حوله الأطفال داخل ملحق صغير بمسجد مؤقت، شيده متبرعون.

فراش متواضع يجلس عليه أطفال عُلّقت أمامهم سبورة كُتب عليها “تسحّروا فإن في السحور بركة”. فجأة ترتفع أصوات الجمع بتناغم وهم يستظهرون سورة الأعلى، قبل أن يتركهم الإمام للحديث معنا عن أحوال القرية بعد زلزال الحوز.

صادفنا عددا من أبناء القرية يتعاونون من أجل إقامة مسجد خاص بالنساء، ويقول أحد المشاركين “إنه شهر اعتدن فيه الانضمام إلى صلاة التراويح ليعشن أجواءه المتميزة، خاصة بعد قضاء يوم متعب في النهار”.

أثناء الصلاة، يدخل سعيد المسجد مصطحبا طفلته معه ويقول للجزيرة نت “آتي بجنّات معي إلى التراويح لتعتاد وتتعلم، ولتستريح الأم وتعتني بشقيقتها حديثة الولادة”، ويضيف “عادة أقضي معظم الوقت بالعمل في مراكش، لكني فضلت قضاء هذا الشهر بجانب أسرتي حتى أعيش معهم أجواء رمضان”.

الصورة 4/ الإمام أمين أوزال بين طلبته من أطفال قرية مولاي إبراهيم يدرسهم القرآن والحديث الشريف/ مصدر الصورة: الجزيرة نت
الإمام أمين أوزال يدرّس أطفال قرية مولاي إبراهيم القرآن والحديث الشريف (الجزيرة)

غزة حاضرة

“لا تنسوا غزة، لا تنسوا فلسطين”، كانت وصية الإمام في آخر موعظته بالليلة الثانية من رمضان، قبل أن يرفع يديه إلى السماء، ويخصص الدعاء لأهل القطاع راجيا من الله أن ينصرهم. ويقول أحد الحاضرين للجزيرة نت “ما قاسيناه هنا بسبب الزلزال جزء يسير جدا مما يعانيه سكان غزة”.

كما كانت أحداث غزة موضوع خيمة عبد الكبير الذي دعانا إلى جلسة شاي بعد الصلاة، وتقول زوجته ثورية “أرى أننا نعيش وضعا مشابها بعض الشيء”، وبعثت بدعوة من داخل خيمتها، لعلها تدثر طفلا أو أما مثلها في تلك الأرض.

هكذا عاشوا أول أيام رمضان، بقلب شاكر وصابر، رغم قساوة الظروف والدمار الذي يُذكّرهم بقصص أقارب رحلوا قبل وقت قصير، لكن حالهم لم يكن أسوأ من حال القرى التي تليهم، خاصة القريبة من القمم المكتسية بالثلوج، كما أن سكانها ليسوا أقل قدرا من أهل هذه القرية في تمسكهم بالصبر والأمل.

ودّعَنا لحْسن بجملة مؤثرة “سأبني بيتي من جديد وأنشئ عائلة وذرية، مرحبا دائما”، وكأنه لم يرد أن تترك حكايته حزنا في القلب وأراد أن يقول للجميع “تشبثوا بالأمل ما دمتم أحياء”. هؤلاء هم سكان جبال الأطلس يشبهون أرضهم، عزائمهم صلبة وأرواحهم معطاءة تحب الخير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شبهة تلاعبات بملفات دعم الزلزال تطارد عوني سلطة “مقدم” و”شيخ” بإقليم الحوز

  أمر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بمراكش، أخيرا، عناصر الدرك الملكي التابعة للمركز الترابي إقليم الحوز، بمباشرة بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة، حول قضية إجرامية تتعلق بوجود شبهة تلاعبات بملفات دعم الزلزال تطارد عوني سلطة “مقدم” و”شيخ”. وحسب مصادر “الصباح”، شرعت عناصر الضابطة القضائية بتعليمات من وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بمراكش، في إجراء بحث قضائي بالاستماع إلى مجموعة من المشتكين، في انتظار الاستماع إلى العونين المتهمين بالتلاعب بملفات ضحايا الزلزال، لكشف ملابسات القضية وظروف وقوعها وخلفياتها الحقيقية، قبل اتخاذ المتعين. وأضافت المصادر ذاتها، أن أزيد من 33 أسرة بمنطقة إيدي سيار قيادة ثلاث نيعقوب بجماعة إجوكاك دائرة أسني بإقليم الحوز، تقدمت بشكاية جماعية إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بمراكش، تتهم فيها عوني سلطة برتبة “مقدم” و”شيخ” بالتورط في تلاعبات تهم مسار ملفات دعم ضحايا زلزال الحوز الذي عرفه الإقليم ومجموعة من الأقاليم والمدن في شتنبر 2023. وأفادت مصادر متطابقة، أن الأسر المحرومة من الدعم المخصص لزلزال الحوز،قررتبعد استنفاد جميع الحلول التقدم بشكاية إلى وكي

الوحدة المتنقلة للبطاقة الوطنية لمراكش.. انجاز 1045 بطاقة لفائدة ساكنة قيادات ثلاث نيعقوب وأوريكة وأكفاي وسيدي الزوين

  تواصل الوحدة المتنقلة للبطاقة الوطنية بولاية أمن مراكش، تقديم خدماتها للساكنة القروية اعتبارا لبعد المسافة إلى وسط المدينة وصعوبة التنقل في بعض الحالات. و أكد مصدر عليم، أن هذه النواة قامت بسلسلة من الخرجات الميدانية لتأمين عملية تقريب البطاقة من ساكنة إقليم الحوز وعمالة مراكش، حيث شملت العملية الأخيرة، بتعاون مع السلطات الإدارية الترابية، كلا من قيادات ثلاث نيعقوب، وأوريكة، وأكفاي، وسيدي الزوين ، بإنجاز بلغ 1045 بطاقة وطنية. واعتبارا لكون تسليم البطاقة الوطنية الجاهزة بنفس مكان الإنجاز بالمجال القروي، يشكل بعدا جوهريا في اهتمام القيادة الجديدة، تكريسا للتعليمات المديرية سارية المفعول، يضيف المصدر، فإن العملية تشمل تسليم جميع البطائق المنجزة لأصحابها بأماكنهم، فيما تتواصل العمليات بقيادات أخرى ستشمل جمع عمالات أقاليم ولاية جهة مراكش أسفي. وأشار نفس المصدر، إلى أن القيادة الجديدة تنهج مخططا متجددا، يعتمد تشخيص دقيق للمتطلبات الآنية للساكنة القروية من خلال رصد استباقي لمؤشر الطلب على البطاقة الوطنية بالقيادات الترابية والاستجابة الفورية لجميع الطلبات كيف ما كان حجمها.

إصابة شخصين بجروح بليغة في حادثة سير مروعة بين تحناوت و مراكش + صور صادمة

                                       خلفت حادثة اصطدام سيارة خفيفة بدراجة نارية على الطريق الرابطة بين تحناوت و مراكش، على مستوى دوار "المزوار" التابع ترابيا لجماعة أغواطيم، ليلة يوم الجمعة 25 أكتوبر الجاري، إصابة شخصين بجروح خطيرة. و فور علمها بالحادث، حلت عناصر الوقاية المدنية بمكان الفاجعة، حيث تم نقل المصابين إلى مستعجلات مراكش من أجل إخضاعهما للعلاج، تزامنا مع فتح الدرك الملكي لأوريكة تحقيقا حول ظروف و ملابسات الفاجعة.

مصرع سيدتين إثر انفجار قنينة غاز و إصابة طفل بحروق متفاوتة الخطورة

  لقيت سيدتان مصرعهما، اليوم الخميس، بالمركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني بأكادير متأثرتين بحروق بليغة أصيبتا بها قبل أربعة أيام نتيجة حريق شب بمنزل أسرتهما في دوار “تن گوا” التابع للجماعة الترابية سيدي بوسحاب، قيادة إمي امقورن، نواحي اشتوكة أيت باها. وعن أسباب اندلاع الحريق، الذي خلف أيضا إصابة طفل في عقده الأول بحروق متفاوتة الخطورة فرضت الاحتفاظ به في قسم العناية المركزة بالمؤسسة الصحية ذاتها، أورد شهود عيان أن المفارقتين للحياة كانتا تهمان بتغيير أسطوانة غاز ولم تنتبها لتسرب الغاز الذي عم أرجاء البيت. وتابعت المصادر ذاتها بأن السيدتين حاولتا إشعال الفرن الغازي باستعمال ولاعة، ما أدى إلى نشوب حريق بالمنزل أسفر عن إصابتهما والطفل بحروق بليغة، نقلوا على إثرها إلى المركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني بأكادير. وفتحت مصالح الدرك الملكي بالمركز الترابي لبيوكرى والسلطات المحلية تحقيقا في ظروف وملابسات الواقعة، وذلك تحت إشراف النيابة العامة المختصة.

اعتقال سيدة متزوجة رفقة عشيقها المتزوج داخل فيلا مهجورة

  في واقعة هزت الرأي العام المحلي، ألقت عناصر الشرطة القضائية بمدينة سيدي قاسم، مساء أمس الثلاثاء الموافق 5 نوفمبر الجاري، القبض على سيدة متزوجة رفقة عشيقها المتزوج، داخل فيلا مهجورة تقع في الحي الجديد. ووفقاً لمصادر، فقد جاء التدخل بعد تلقي شكاية عاجلة دفعت عناصر الشرطة لمداهمة الفيلا، التي تُستغل لاستئجار الغرف، حيث تم ضبط السيدة وعشيقها في حالة تلبس. وتم وضع الموقوفين تحت تدبير الحراسة النظرية، في انتظار عرضهما على أنظار النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.