8 شتنبر 2023 ليلة زلزال إقليم الحوز، تاريخ سيظل محفورا في ذاكرة المغاربة. فبقوة 7.2 درجات على مقياس ريختر تصدعت الجبال والأرض واهتزت قلوب الملايين من المواطنين بالخوف والرعب خاصة المتواجدين بمراكش، ورزازات، أزيلال، تارودانت وشيشاوة.
ووراء كل محنة منحة، فمثل هذه الشدائد أبان المغاربة عن معدنهم النفيس وحسهم الوطني والتضامني، وانطلق كل صغير وكبير في مد يد العون لمتضرري الزلزال.
"عشت الزلزال" فقرة رمضانية، سنعيد من خلالها شريط هذه الفاجعة على لسان مجموعة من المواطنين الذين سيفتحون قلوبهم لموقع القناة الثانية وسيحكون قصتهم مع هذا الحدث الذي هز نفوس المغاربة قاطبة.
"شهدت حوادث خطيرة، لكن تبقى فاجعة الزلزال الأصعب في مسيرتي المهنية.."، هكذا لخص عبد اللطيف الزغادي، مدير المركز الاستشفائي الإقليمي بتحناوت، حكايته مع زلزال الحوز.
ويقول الزغادي، محاولا استرجاع ذاكرته إلى الوراء العصية على نسيان هذا الحدث: "كنت متواجدا غير بعيد عن تحناوت وبالضبط في مدينة مراكش، ما إن توقفت الهزة الزلزالية حتى هرعت بسرعة قصوى نحو المركز الاستشفائي"، مضيفا: "وفي طريقي صوب المستشفى أجريت اتصالات هاتفية مع الفرق الإدارية والصحية واستدعيت جميع الأطر ووجهت لهم تعليمات بإجلاء المرضى الذين كانوا يرقدون في المستشفى قبل الزلزال إلى الخارج تحسبا لأي هزة ارتدادية أخرى".
ويضيف الزغادي، الذي يشتغل منذ أكثر من خمس سنوات بمستشفى تحناوت، "مكننا المخطط الاستعجالي الاستشفائي الذي وضعناه سابقا لمواجهة الأحداث الطارئة مثل حوادث السير والكوارث الطبيعية (الفيضانات، والزلزال)، من التأهب لهذه الفاجعة عبر تحديد كيفيات استقبال الضحايا في اللحظات الاولى لهذا الحادث".
وواصل الزغادي في سرد وقائع ما عاشه: "بمجرد وصولي إلى المستشفى بدأت أولى الحالات تتقاطر من تحناوت، كان المصابون جراء انهيارات المنازل يتوافدون بأعداد كبيرة؛ نسارع الزمن لتقديم الإسعافات الأولية لكل شخص حسب وضعه الصحي ودرجة خطورته".
"ما كسر قلبي وصول حالات حرجة جدا وأخرى فارقت الحياة تحت الأنقاض وما كان من شيء لإنقاذهم" يحكي مدير المركز الاستشفائي الإقليمي بتحناوت بتأثر كبير، مضيفا: "توقعت أن هذا الحادث المؤلم سنستقبل على إثره ضحايا كثُر ليس فقط من تاحناوت وإنما من المناطق المجاورة كثلاث نيعقوب وإيجوكاك".
وأبرز الزغادي، أن "فرق الإنقاذ واجهت عائق الوصول إلى العدد الكبير للضحايا المتواجدين بالقرب من الدواوير القريبة من بؤرة الزلزال بسبب انقطاع المسالك الطرقية الجبلية جراء الانهيارات الصخرية مما أثر سلبا على وصولهم للعلاج"، ثم يفيد قائلا: "هذا الأمر تطلب منا التنسيق مع المستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش، وذاك ما تم حيث تدخلت القوات المسلحة الملكية وتم نقل الضحايا في وضعية صحية خطيرة عبر المروحيات لإسعافهم".
"ما يشعرني بالخفر بأبناء بلدي ذاك التلاحم والتضامن الذي لا مثيل له في هذا الحادث الأليم، إذ أن جميع أطباء الجهة سواء من العام والخاص انضموا إلينا كل حسب تخصصه محاولين تقديم الإسعافات الأولية ويد العون لكل العاملين بالمستشفى من أجل إنقاذ وعلاج كل مصاب".
تضميد الجروح النفسية عن هذا الزلزال لن يكون هينا كعلاج الكسور والإصابات، فعند الزغادي كانت المهمة ثقيلة، قائلا عن ذلك: "استحضر طفلة ذات 12 سنة وطفل آخر ذو ثماني سنوات توفي أبويهما في هذه الفاجعة ظلا في المستشفى لمدة طويلة يتلقون العلاج دون أن نخبرهما بوفاة والديهم إلا بعد متابعة نفسية مستمرة".
المساعدة والدعم النفسي كان من المراحل المهمة التي أعقب خطوات الاستشفاء، ولهذا الغرض يحدثنا الزغادي أنه تم تشكيل وحدة بالمستشفى تضمنت فريقا للمساعدة والدعم النفسي بغرض المواكبة النفسية للمتضررين الناجين من الزلزال والذين فقدوا أقاربهم وأفراد أسرهم، وتابع بالقول: "أخصائيو علم النفس الذين حلوا بالمستشفى صاروا يستقبلون الأطفال وكذا الكبار لمحاولة مواكبتهم نفسيا من أجل تجاوز الصدمة التي عاشوها".
يختم الزغادي قصته، قائلا: "رغم الإرهاق والعياء لما يزيد عن أيام وليالي من الإشغال إلا أن إنقاذ الأرواح كان أكبر هم يشغل البال الجميع من فرق الإنقاذ والأطر الصحية المرابطة بمستشفيات المناطق المتضررة من هذه الكارثة" يفيد الزغادي، وما كان يشجعنا ويشحذ عزيمتنا حجم التضامن الهائل للمجتمع المدني في المساهمة في تغذية المرضى والعاملين وإقامة خيام وأسرة لإيواء المرضى في الساحة التي أقيمت أمام المشفى".
2M
تعليقات
إرسال تعليق