التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فلاحو الحوز يراهنون على إنشاء السدود لمواجهة مخاطر الجفاف في الإقليم

                                           
* إبراهيم مغراوي

يعيش المغرب منذ حوالي أربع سنوات جفافا للأنهار والوديان بسبب قلة التساقطات المطرية، التي غابت عن سماء المملكة المغربية بسبب آثار التغير المناخي والاستعمال غير المسؤول للمياه، مما جعلها تعاني من حالة “الإجهاد المائي البنيوي”، الذي يفرض تعاملا خلاقا مع الأزمة عبر استراتيجية بعيدة المدى للتخفيف من تأثير التغيرات المناخية، التي أضحت قدرا تواجهه الكرة الأرضية، رغم مؤتمرات المناخ التي تعقد هنا وهناك.

وتميزت هذه السنة الفلاحية بتساقطات مطرية خلال شهري أكتوبر ودجنبر، أدت إلى إنعاش حقينة السدود على الصعيد الوطني؛ وهذا لا يجب أن يغرينا لنستكين، بل يجب اتخاذ مزيد من الحيطة والحذر، لأن التساقطات الحالية لا تعني أن المملكة المغربية تجاوزت أزمة الماء التي تعرفها. لذا يجب التفكير في خطة استباقية تلافيا لتأزم الوضع أكثر والعودة إلى مستويات ندرة المياه الشديدة، مما قد ينعكس سلبا على جميع الفلاحات ويهدد بشكل غير مباشر تدبير الأمن الغذائي.



ولأن إقليم الحوز بجهة مراكش الذي يوجد بجبال الأطلس الكبير، يعتبر منطقة فلاحية بامتياز، بسبب كثرة الوديان التي تجري المياه بها انطلاقا من منابع بمرتفعات إمليل وأوريكة وتغدوين، وتتجه إلى واد تانسيفت الذي يصب بالمحيط الأطلسي، فهذا يفرض التفكير في تدبير عقلاني وحكيم لكل قطرة ماء حتى لا تذهب جفاء دون أن ينفع الناس، فهل يتم التفكير في بناء سدود متوسطة لجمع هذه المياه؟ وما هو برنامج إدارة الحوض المائي لتدبير هذه المادة الحيوية بهذا الإقليم؟ وبأي معنى يمكن الحديث عن منافع هذه المنشآت الفنية بالنسبة للفلاح بأحواز مراكش؟

ضرورة التخزين

يواجه المغرب موسما جافا للعام الثالث على التوالي، بعد تأخر التساقطات المطرية مقابل ارتفاع درجات الحرارة مع انطلاق الموسم الزراعي 2022-2023، مما يوضح أهمية السدود في عمليات تدبير الموارد المائية، في شقها المتعلق بالجمع والتخزين، يقول حمزة آيت الحسين، الباحث في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر، مشيرا إلى أن “المغرب قطع أشواطا كبيرة منذ التدشين الفعلي لهذه السياسة على يد المرحوم الملك الحسن الثاني، لكن لم تتم بعد تغطية المجال المغربي كلية بهذه المنشآت الفنية المهمة ذات الأبعاد الاقتصادية والسوسيوثقافية رغم الحاجة الملحة إليها”.

وأضاف آيت الحسين، في تصريح صحافي لجريدة هسبريس الإلكترونية، “يبقى حوز مراكش من المناطق التي لا تزال في حاجة إلى مشاريع مهمة من هذا النوع، فرغم توفره على عدد لا يستهان به من السدود التلية، فهو لا يزال في حاجة إلى أخرى تكون أكبر حجما وأكثر سعة لعدة عوامل، أهمها يكمن في قرب المنطقة من جبال الأطلس الكبير ذات المخزون الوافر من المياه السطحية والجوفية؛ ولأن هذه المادة الحيوية هي المحدد الرئيسي للأنشطة البشرية والعلاقات الاجتماعية، فإن التعامل معها يستدعي الحرص على استدامة التوفر عليها، عبر تزويد المنطقة بمزيد من السدود المتوسطة الملائمة لحجم المياه المعرضة للضياع سنويا بحوز مراكش؛ تحقيقا للاستفادة وتجاوزا للسنوات العصيبة المحتملة في عالم يعرف تغيرات مناخية مفاجئة وجذرية”.



وتابع قائلا: “تتجلى أهمية هذه المنشآت الفنية في تخزين الفائض من المياه خلال السنين الخصبة استعدادا لسنين الجفاف، وهذا يتطلب توفير البنية التحتية اللازمة من السدود الملائمة لحجم المياه المتوفرة بمنطقة تخترقها أودية متعددة ذات جريان مهم، فالزات وأوريكا وتانسيفت والتوامة ونفيس…، كلها أودية تخترق مجال حوز مراكش، بصبيبها المهم، وتنجم عنها فيضانات وخسائر مادية مهمة في أحايين كثيرة؛ والمفارقة أن غالبيتها لا تنتهي بسدود تجمع مياهها، بل تبقى طليقة في المجال الجغرافي، لينتهي بها الأمر إلى الضياع، حيث ينال التبخر من جزء منها، ويتسرب الباقي باطنيا بعيدا عن منطقة الحوز، والقاسم المشترك هو غياب الاستفادة في مجال تظهر فيه بين الفينة والأخرى أعراض الجفاف والحاجة الملحة إلى الماء”.

تعزيز مناطق السقي

أوضح خالد أزناك، فلاح بدائرة التوامة، أهمية هذه المنشآت الفنية وضرورتها، حين ضرب مثلا بالمنطقة الفلاحية سيدي داود، التي تراجع إنتاجها من البطاطس، على سبيل المثال لا الحصر، بسبب قلة مياه السقي، لأن مخزون سد مولاي يوسف تقرر تخصيصه لتوفير ماء الشرب. وأضاف أن “ضيعات الزيتون هي الأخرى عانت كثيرا من قلة التساقطات المطرية التي تغني الشجرة المباركة، وهو ما يتجلى خلال الموسم الحالي، الذي تميز بضعف الثمار وإنتاج زيت الزيتون. لذا فتغطية إقليم الحوز بالسدود أضحى ضرورة ملحة ومطلب الفلاحين الذين يتعاطون الفلاحة أو تربية الماشية”.

وأكد أزناك حاجة الأراضي البورية التي يعج بها إقليم الحوز إلى ماء السقي، مشيرا إلى أن “حاجيات الإقليم من ماء الشرب فقط تقدر بحوالي 400 ألف متر مكعب شهريا. لذا يجب الاسراع بإحداث هذه المنشآت الفنية على واد لاغ وغدات الذي يتميز بصبيب كبير كلما تحرك هذا الوادي، ولأن التغيرات المناخية علمتنا أن هناك تحولات كثيرة على مستوى الطقس والفصول السنوية، مما ينعكس سلبا على النباتات والأشجار، فالتعجيل بإنجاز سد واكجديت على واد أوريكة وإراقن بالجماعة الترابية أغواطيم، وسد أنكال بالدائرة الترابية أمزميز، وإحداث مطفيات لتجميع الماء بالعديد من المناطق، وعتبات على الأودية التي توجد بها سدود أو من المنتظر أحداث منشآت فنية عليها أصبح من الأولويات”.


تفكير الحوض المائي

مدير وكالة الحوض المائي بجهة مراكش أسفي، محمد شتيوي، أوضح أن إقليم الحوز به مجموعة من السدود من قبيل سد يعقوب المنصور الذهبي بسعة تصل إلى حوالي 70 مليون متر مكعب، ولالا تاكركوست بـ53 مليون متر مكعب، ومولاي يوسف الذي يخزن 142 مليون متر مكعب، وحاليا يتم إنجاز سد آيت زياد الذي سيخزن حوالي 185 مليون متر مكعب، مما جعل المنطقة تقاوم رغم قلة التساقطات المطرية المسجلة هذه السنوات، لأن المياه المخزنة بالسدود تظل كافية قصد الاستجابة بدون انقطاع لحاجيات الإقليم، باستثناء بعض الجماعات القروية التي تأثرت مواردها المائية بشكل كبير.

وأكد شتيوي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن هذه الإدارة تفكر في السبل القمينة التي من شأنها أن تضمن جمع المياه التي تجري بالوديان والحفاظ على كل التساقطات المطرية ما أمكن. وفي هذا الصدد كشف عن الإجراءات التي تم اعتمادها بالحوض المائي، مشيرا إلى برمجة 16 سدا بالجهة، منها منشأة فنية يجري العمل من أجل إنشائها على واد تانسيفت بالجماعة الترابية لوداية بإقليم مراكش، لتشكل مصبا لعدة أنهار كواد نفسي وأوريكة وآيت زياد وغذات ولاغ، وهو ما سيمكن من جمع حوالي 200 مليون متر مكعب كانت تذهب إلى المحيط الأطلسي، كما سيمكن من تمنيع إقليمي الحوز ومراكش من المشاكل المتصلة بالإجهاد المائي.

السلطة تتحرك

من أجل تدبير معقلن لمخزون السدود الحالية، عملت سلطات إقليم الحوز على وضع مجموعة من الإجراءات الاستعجالية قصد الحفاظ على الثروة المائية بالإقليم وترشيد استهلاكها، في ظل شح التساقطات المطرية وانخفاض نسبة ملء السدود وتراجع مستوى حقينتها، من بينها عقلنة وترشيد استهلاك المياه، سواء للسقي أو للشرب، مع تعميم السقي بالتنقيط، ومحاربة ضياع الماء في قنوات التوزيع العمومية والخاصة، وتطبيق تقليص صبيب المياه الموزعة، إذا اقتضى الحال أو عند الحاجة، وكذا القيام بحملات تحسيسية لحماية مصادر المياه وضمان التزويد في أحسن الظروف.

ومن القرارات التي أعلنت عنها السلطة المحلية بإقليم الحوز منع استعمال المياه التقليدية لسقي المناطق الخضراء، أي الماء الصالح للشرب والوديان، والمياه الجوفية، ومنع الاستعمال غير القانوني لمياه الآبار والأثقاب والوديان والعيون وقنوات جلب المياه، ومضاعفة الجهود لتقليص ضياع المياه في قنوات التوزيع والإنتاج، وتدبير الضغط المائي للحد من تسربات المياه بهذه القنوات.

*هسبريس


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عامل إقليم الحوز يوقف رئيس بلدية أمزميز ونائبه الثاني ويحيل ملفهما إلى المحكمة الإدارية لعزلهما

 دخل ملف علال الباشا رئيس جماعة أمزميز ونائبه عبد الغني وحمان المنتميان لحزب التجمع الوطني للأحرار، مرحلة حاسمة، بعد أن قرر عامل الإقليم مصطفى المعزة توقيفه من مهامه بشكل رسمي بالتزامن مع تقدمه بطلب إلى المحكمة الإدارية بمراكش يقضي بعزل الباشا ووحمان من منصبهما، وذلك بناءً على ملف ثقيل أعدته المفتشية العامة للإدارة الترابية (IGAT) في عدة مجالات مرتبطة بالتدبير الجماعي.   وحددت المحكمة الإدارية في مراكش جلسة بتاريخ الثلاثاء 9 دجنبر 2025 للنظر في ملف عزل الرئيس علال الباش ونائبه الثاني عبد الغني وحمان، الذي يستند إلى المادة 64 من القانون التنظيمي رقم 113.14، والمتعلق بمسطرة العزل في حالات الإخلال الخطير بقواعد الحكامة وتدبير الشأن المحلي.

هذا ما قررته محكمة الإستئناف في حق محمد أمكيزو رئيس جماعة مولاي إبراهيم

قررت محكمة الاستئناف بمراكش، اليوم الخميس رابع دجنبر الجاري، تأجيل محاكمة محمد أمكيزو، رئيس جماعة مولاي إبراهيم، ومن معه، إلى غاية 25 دجنبر الجاري، وذلك من أجل منح هيئة الدفاع مزيداً من الوقت للاطلاع على تفاصيل الملف وتقديم دفوعاتها. وجاء التأجيل في سياق الجلسات الاستئنافية المتعلقة بالقضية التي تواصل إثارة اهتمام المتتبعين المحليين. وكان أمكيزو قد استفاد من حكم البراءة ابتدائياً، بعدما قضت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بتاريخ 20 يونيو الماضي ببراءته من التهم التي كان متابعاً بها، والمتعلقة بجنايتي تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته. وقد جاء هذا الحكم بعد مسار طويل من التحقيق التفصيلي الذي باشره قاضي التحقيق بناء على ملتمس الوكيل العام للملك. وتنتظر ساكنة جماعة مولاي إبراهيم، ومعها الرأي العام المحلي، ما ستؤول إليه الجلسة المقبلة بتاريخ 25 دجنبر الجاري، والتي من المرتقب أن تكون حاسمة في تحديد المآل القضائي للملف. وبين البراءة الابتدائية والمسار الاستئنافي، يظل الملف مفتوحاً على جميع الاحتمالات، في انتظار كلمة القضاء التي ستضع حداً للجدل الذ...

توقيف مُضرم النار في سيارتين تابعتين لعنصرين للدرك الملكي بأمزميز

  تمكنت مصالح الدرك الملكي بأمزميز، اليوم الثلاثاء ثاني دجنبر، من وضع حد لحالة الاستنفار التي عاشتها المنطقة خلال الأيام الماضية، بعد إيقاف الشخص المشتبه في تورطه في عمليتي إضرام النار في سيارتين تابعتين لعناصر الدرك الملكي داخل تجزئة الأطلس بجماعة أمزميز بإقليم الحوز. وكانت التجزئة قد اهتزت فجر السبت الماضي على وقع اعتداء جديد استهدف هذه المرة سيارة دركية تقيم بالحي نفسه، وذلك بعد أيام قليلة فقط من حادث مشابه طال سيارة دركي آخر. وقد وثّقت كاميرات المراقبة بالشارع العام لحظة إقدام شخص ملثم على سكب مادة سريعة الاشتعال وإضرام النار قبل الفرار نحو وجهة مجهولة، في مشهد خلق حالة من القلق وسط الساكنة. وفور وقوع الحادث الثاني، أطلقت القيادة الإقليمية للدرك الملكي بالحوز تحقيقاً موسعاً، اعتمد على تحليل تسجيلات الكاميرات وجمع المعطيات التقنية والميدانية، ما أسفر في النهاية عن تحديد هوية الجاني وتوقيفه صباح اليوم. وتحاول المصالح المختصة حالياً فك لغز الدوافع الحقيقية وراء هذه الأفعال الخطيرة، التي استهدفت بشكل مباشر أجهزة الأمن، في وقت تتواصل فيه التحريات للكشف عن أي ارتباطات محتملة أو جهات ...

بعدما أحال العامل ملفهما للعدالة بهدف عزلهما.. هذا ما قررته المحكمة الإبتدائية في حق رئيس جماعة أمزميز ونائبه الرابع

  قررت شعبة القضاء الشامل والإلغاء بالمحكمة الإدارية الابتدائية بمراكش، زوال اليوم الثلاثاء 9 دجنبر 2025، إرجاء البت في ملف عزل رئيس جماعة أمزميز، علال الباشا، ونائبه الثاني عبد الغني وحمان، المنتميين لحزب التجمع الوطني للأحرار، إلى غاية 16 من الشهر الجاري، وذلك قصد تمكين جميع الأطراف من استكمال إعداد دفوعاتهم. ويأتي طلب العزل استنادا إلى تقرير أنجزته المفتشية العامة للإدارة الترابية، تضمن رصد جملة من الاختلالات المرتبطة بتدبير الشأن المحلي داخل الجماعة، فضلا عن الاعتماد على مقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي رقم 113.14، التي تنظم مسطرة العزل في حالات الإخلال الخطير بقواعد الحكامة والتسيير. وكانت السلطات الإقليمية قد قررت في وقت سابق توقيف رئيس الجماعة ونائبه عن مزاولة مهامهما، قبل إحالة الملف على أنظار المحكمة الإدارية المختصة قصد البت فيه، وذلك في سياق الحرص على احترام المساطر القانونية وتكريس مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير الشأن الجماعي.

انطلاق الجلسة الثانية من اجتماعات تسريع إنجاز الأسواق النموذجية بإقليم الحوز + صور

انطلقت قبل قليل من صباح يومه الثلاثاء ثاني دجنبر الجاري، الجلسة الثانية من الاجتماعات المخصصة لتسريع إنجاز الأسواق النموذجية بعدد من الجماعات، وذلك برئاسة الكاتب لعمالة إقليم الحوز،، وبحضور رؤساء الجماعات الترابية المعنية وممثلي المصالح الخارجية والهيئات المهنية المرتبطة بالقطاع التجاري. وتندرج هذه الاجتماعات ضمن الدينامية التي يشرف عليها عامل الإقليم مصطفى المعزّة لتسريع وتيرة المشاريع الرامية إلى تنظيم التجارة وتحسين ظروف اشتغال الباعة. وتأتي هذه الجلسة في إطار التنسيق مستمر بين السلطات الإقليمية برئاسة العامل المعزة والجماعات ورؤساء المصالح المعنية، بهدف بلورة نموذج جديد للتنظيم التجاري، وتوفير فضاءات حديثة وآمنة تستجيب لحاجيات الساكنة. ومن المنتظر عقد جلسات إضافية مستقبلا لمتابعة التقدم المحقق وتسريع وتيرة الأشغال إلى حين افتتاح الأسواق في أقرب الآجال.