باشرت لجان مركزية تابعة لوزارة الداخلية عمليات تفتيش مكثفة بأقسام الشؤون الاجتماعية في عدد من أقاليم جهة مراكش آسفي، وذلك في إطار تدقيق شامل في تدبير مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال السنوات الخمس الماضية. وكشفت مصادر موثوقة أن هذه التفتيشات وقفت على اختلالات وصفت بـ"الخطيرة"، شملت إحداث مشاريع وهمية، واقتناء معدات لم تظهر على أرض الواقع، إضافة إلى منح دعم مالي سخي لجمعيات حديثة التأسيس، بعضها تدور حوله شبهات ارتباط بمنتخبين وفاعلين سياسيين.
وتأتي هذه العملية، وفق المصادر نفسها، استجابة لتوجيهات عمال أقاليم بالجهة، من بينهم من تم تعيينهم مؤخراً في إطار الحركة الانتقالية، عقب توصلهم بتظلمات من أصحاب مشاريع تم إقصاؤهم دون مبررات واضحة. هذه التظلمات نبهت إلى ما وصفته بـ"منطق الزبونية" في توزيع التمويلات، حيث حظيت جمعيات يترأسها مقربون من مسؤولين محليين بدعم تجاوز في بعض الأحيان مليار سنتيم، في مقابل إقصاء جمعيات ذات تجربة ميدانية وفعالية معروفة.
كما رصدت اللجان تجاوزات قانونية، تمثلت في إبرام اتفاقيات شراكة مع جمعيات يُعتبر بعض أعضائها منتخبين داخل المجالس الجماعية نفسها، في خرق واضح للقوانين التنظيمية التي تمنع تضارب المصالح. ويجري حالياً تدقيق شامل في لوائح المستفيدين وسجلات المشاريع، مع مباشرة معاينات ميدانية لمقارنة المقتنيات والإنجازات بما ورد في دفاتر التحملات، وذلك تمهيداً لإعداد تقارير سترفع إلى المصالح المركزية بوزارة الداخلية.
وتعكس هذه العملية بداية توجه نحو محاسبة المتورطين في التلاعب بأموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بجهة مراكش آسفي، في ظل تنامي المطالب بإعمال الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، ووضع حد لـ"فوضى التمويل" و"الزبونية التنموية" التي أضعفت فعالية أحد أهم البرامج الاجتماعية بالمملكة.
تعليقات
إرسال تعليق