التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"بنايات الحجر" بإقليم الحوز .. معمار هندسي أصيل في قلب جبال الأطلس

 



يروي كل معمار هندسي قصة حضارة أمة من الأمم ذات العمق التاريخي والحضاري الذي يمتح من رؤية للحياة، ويشكل نمطا اجتماعيا يعكس تعايش وتلاحم السكان ومحيطهم، ليعكس هذا الفن المعماري الهوية الأصيلة، وهذه القاعدة تنطبق على المعمار الأمازيغي كلوحة فنية لها بعد وظيفي مفيد في الاستخدام اليومي، وقيمة رمزية لعلاقتها بذاكرة الإبداع الحضاري العريق.

ويحضر هذا الفن المعماري الذي يجسد رؤية الأمازيغ للعالم عبر تصاميم هندسية جميلة، استخدمت في بنائها المواد الطبيعية المتوفرة في المجال، لتتنوع من السهول إلى التلال والهضاب والجبال، ما جعل البنايات تشكل جزءا من الطبيعة، ما مكنها من مقاومة عوامل التعرية، فمنها مباني عديدة ما زالت شامخة تحتفظ برونقها وحيويتها مندمجة في نمط حياة التجمعات السكانية الأمازيغية في المغرب.



وعن هذا المعمار قال محمد احديدة المتخصص في التاريخ واللغة الأمازيغين، الطابع المعماري المغربي القروي الأمازيغي له علاقة بالطبيعة من حيث مواد البناء والمجال الجغرافي، فالأهالي يلجؤون إلى استعمال المواد المحلية، لذا تحضر الأحجار في المناطق الجبلية، والطين المكبوس في السهول، وبالتلال والهضاب يعتمد خليط من الحجر وطين اللوح، مشيرا إلى أن عمارة الحجارة تتميز بهندسة بديعة، لأن الأحجار يربطها تناسق تام لا يحتاج إلى طلاء خارجي، كما تعطي جمالية في شكلها الخارجي والداخلي.

وبعد أن ضرب مثلا لهذا المعمار الهندسي بالمناطق الجبلية، قائلا” منطقة أرمد بالمنطقة السياحية إمليل، منحوتة من الحجر وكأنها جزء من الجبل”، أوضح أحديدة في تصريح لهسبريس، أن استقرار الإنسان الأمازيغي الذي يعود إلى 1500 سنة قبل الميلاد، كان يتم داخل المغارات بالجبال التي تسمى” “إفري”، وتنتشر بجبال توبقال، والجماعة القروية الترابية” أكفروان”و”أسني”، وهذا دليل على أن الناس كانوا يستقرون فيما تنحته الطبيعة”.



ووفقا للأستاذ الباحث ذاته، فالقلاع التي بنيت في إقليم الحوز، شكلت حصونا بناها المرابطون لمنع زحف الموحدين نحو مدينة مراكش، كحصن “تسغيموت” بأيت أوير و”اكرفوران”، وحصن “تفركجونت” بالجماعة القروية الترابية مولاي إبراهيم، التي تتكون مواد بنائها من الحجر والطين وهي شاهد على هذه الخصوصية المرابطية، وزاد متأسفا “لأن أغلب السكان يلجؤون حاليا إلى البناء بالمواد الحديثة كالأسمنت”.

وللحفاظ على هذا الموروث الثقافي، يدعو المتحدث نفسه، إلى تظافر الجهود من طرف المجتمع المدني ووزارة الثقافة والمكلفين بالتعمير، لحماية هذا التراث وخصوصيته، وتثمينه وتأهيله ليقوم بوظيفته في التنمية الاقتصادية، مقدما نموذجا لذلك بدوار “أزرو”(مدشر من الحجر) بالجماعة الترابية القروية مولاي إبراهيم، والذي يعرف توافد أفواج من السياح، لأخذ صور للأشكال الهندسة المعمارية الأصيلة الأمازيغية البديعية، التي لازال تقف شامخة أمام عوامل التعرية.



وبخصوص عمر هذا الهندسة المعمارية بدوار اغري، أوضح عبد العزيز أبريان من دوار اغري بالجماعة الترابية القروية تيديلي مسفيوة،” أن بعض المنازل من طوابق يتجاوز عمرها 2000 سنة، ولا زالت تقاوم شامخة كجبال الأطلس، مضيفا” كلما تعرض بناء للضعف يتم ترميمه من طرف أجدادنا الذين توارثوا هذا الرأسمال التاريخي للقبائل الأمازيغية التي اتخذت من الجبال مسكنا”.

وفي تصريح لهسبريس، تابع أبريان قائلا” مسجد دوارنا لا تاريخ له، لأنه يضرب في جذور الزمن، كما يحكي لنا أجدادنا”، مشيرا” إلى أن محاولات حفر جدار لهذا المسجد كشفت عن وجود مقابر تعود لمدشر اندثر كان يسمى”أيت موسى”، وبقي المسجد مقاوما، وقمنا بإعادة ترميمه بالمواد نفسها، باستثناء الصومعة التي بنيت بالأسمنت”.



وعن مواد البناء التقليدية التي تعتمد في البناء بهذه المنطقة أشار هذا القروي، وهو منهمك في اعداد أحبالا من “تزنيرت” (الدوم)” إذا بنيت بالحجر فأنت تضمن بناء قويا يصعب هدمه، ومكيفا لأحوال الطقس، فخلال الشتاء يوفر الدفئ، أما في الصيف فإنه يضمن البرودة”، وعن طريق اعداد مواد البناء، فذلك يحتاج إلى نحت الحجر من طرف حرفيين مهرة لا زال بعضهم على قيد الحياة”، بتعبير عبد العزيز أبريان.

محمد التجاني نائب رئيس المجلس الإقليم للحوز، أكد من جهته، الأهمية التي لهذا التراث في التنمية المحلية، لأن جماعة تيدلي مسفيوة بإقليم الحوز، لم تنل حضها من العناية كوجهة سياحية، رغم توفرها على معطيات طبيعة وثقافية، وعلى مسارات جبلية تغري هواة الرياضات الجبلية، والبعد الاستراتيجي للمنطقة التي تربط بين جماعة أوريكة وتغدوين، التي توجد بها نقوش تاريخية “بياغر”، ومنبع واد الزات على الحدود مع إقليم ورزازات، وعبر جماعة”زرقطن”، عاصمة قبائل”كلاوة” التي تشكل نقطة عبور إلى الجنوب الشرقي.



ولأن جماعة تيديلي مسفيوة، تتوفر على مناظر طبيعية حباها الله بها، من قبيل مناطق تكسوها الثلوج وبحيرات، ومسالك غابوية وعيون طبيعية، ومناطق عاش بها اليهود المغاربة، ومقابرهم شاهدة على ذلك، ومعاصر للزيتون تقليدية، ومباني تاريخية مبنية بالمواد المحلية، وغالبيتها من طبقتين وتقاوم عوامل التعرية، وشاهدة على الإبداع، فالمنطقة في حاجة إلى العناية من طرف الجهات المسؤولة عن التراث المادي واللامادي، لاستثماره في السياحة من أجل تنمية محلية مستدامة.

وأرجع الفاعل الجمعوي عبد اللطيف الجعيدي ضياع التراث المادي واللامادي التي يزخر به بإقليم الحوز، إلى غياب مندوبية كل من وزارة السياحة والثقافة، كمؤسستين أنيطت بهما العناية بالتنمية المستدامة، من خلال توظيف الموروث الثقافي في بناء سياحة جذب السياح، ولتنويع باقة هذا القطاع بإقليم يعتمد وجهات محدودة، في ظل وجود مناطق أخرى يمكن أن تشكل وجهات سياحية لما تزخر به من معطيات طبيعية وتاريخية وثقافية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فاجعة.. حجر ينهي حياة قاصر يبلغ من العمر 15 سنة بإقليم الحوز + صور حصرية

                                         لقي شاب يبلغ من العمر 15 سنة، عصر اليوم الأحد تاسع مارس الجاري، مصرعه متأثرا بإصابته بحجر صخري سقط من جبل على مقطع طرقي بدوار "تيزن تماترت" بجماعة آسني. و ومبشارة بعد الفاجعة، حلت عناصر الوقاية المدنية بعين المكان وقامت بنقل جثة الهالك صوب مستودع الأموات من أجل إخضاعها للتشريح الطبي، تزامنا مع فتح الدرك الملكي تحقيقا حول ظروف و ملابسات الفاجعة، تنفيذا لتعليمات النيابة العامة المختصة.

اعتقال مستشارة من حزب أخنوش بالحوز بتهمة الخيانة الزوجية و المشاركة في الفساد

تابعت المحكمة الإبتدائية بمراكش، مؤخرا، مستارة جماعة بإقليم الحوز تنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، في حالة سراح بكفالة، في قضية تتابع فيها بتهمة الخيانة الزوجية و المشاركة في الفساد. و تعود تفاصيل القضية، إلى ضبط المستشارة العزباء المزدادة سنة 2001 رفقة عشيقها المتزوج و المزداد سنة 1982 بداخل شقة بمراكش، بناء على شكاية تقدمت بها زوجة العشيق الذي لهها معه ابنان. بناء على ذلك، تم توقيف المعنييين بداخل الشقة، تنفيذا لتعليمات النيابة العامة المختصة، حيث تقرر اخضاعهما لتدابير الحراسة النظرية على ذمة البحث والتقديم.

تفاصيل حصرية في قضية العثور على جثة بضيعة بإقليم الحوز.. اعتداء جنسي و أثار طعن بسكين على الوجه و العنق

                                             في إطار مواكبتها لقضية العثور على جثة شاب من مواليد 1996، صباح اليوم الأربعاء ثاني أبريل الجاري وسط ضيعة فلاحية بدوار "تمزليط" التابع لجماعة تغدوين، أوضحت مصادر موثوقة أن جثة الهالك وجدت عليها أثار طعن بسكين أبيض على مستوى الخد الأيمن و كدمة واضحة على مستوى العنق. كما رجحت المصادر نفسها أن يكون الهالك الذي كان قيد حياته يعاني من اضطرابات نفسية، قد تعرض لإعتداء جنسي من طرف شخص أو عدة أشخاص يحتمل أنهم اقترفوا جريمة القتل، و ما يعزز فرضيتهم هو أنه وجد عاريا على مستوى الجزء السفلي من جسده. و في وقت تم فيه نقل جثة الهالك صوب مستودع الأموات بآيت أورير من أجل إخضاعه للتشريح الطبي بناء على أوامر النيابة العامة المختصة، تم فتح تحقيق من طرف الدرك الملكي لآيت أورير حول ظروف و ملابسات الفاجعة.

حصري.. العثور على مسدسين بورش للبناء بإقليم الحوز يستنفر الأجهزة الأمنية

 أكدت مصادر متطابقة، أن حالة من الاستنفار تشهدها مختلف الأجهزة الأمنية بإقليم الحوز، بعد العثور، اليوم الأحد تاسع مارس الجاري، على مسدسين بورش للبناء بحي درع السوق ببلدية أمزميز. و وفق ذات المصادر، فقد عثر عامل للبناء أثناء قيامه بحفر أساس منزل بحي درع السوق بأمزميز على مسدسين، قام بتبليغ الأجهزة الأمنية بعثوره عليهما. و أضافت المصادر نفسها، أن مختلف الأجهزة الأمنية متواجدة في هذه الأثناء من ليلة الأحد بأمزميز، لكشف كيفية وصول المسدسين إلى ورش البناء، و من يقف وراء ذلك، تنفيذا لتعليمات النيابة العامة المختصة.

حادثة سير مروعة بإقليم الحوز تخلف قتلى ومصابين

شهدت بلدية تحناوت، مساء الأربعاء، حادثة سير مأساوية إثر اصطدام عنيف بين شاحنتين كبيرتين، مما أسفر عن مصرع شخصين، أحدهما سائق إحدى المركبتين، والآخر طفل صغير، إضافة إلى إصابة عدد من الأشخاص بجروح متفاوتة الخطورة. وعلى الفور، تدخلت فرق الإسعاف لتقديم العلاجات الأولية للمصابين، قبل نقلهم بسرعة إلى مستشفى الرازي بمراكش، نظراً لخطورة بعض الحالات. كما انتقلت عناصر الدرك الملكي إلى موقع الحادث لمعاينة الأضرار واتخاذ الإجراءات اللازمة. وبتعليمات من النيابة العامة، تم نقل جثتي الضحيتين إلى مستودع الأموات، فيما فُتح تحقيق معمّق لتحديد أسباب الحادث وكشف ملابساته.