عمر العلاوي رئيس جماعة تزارت
ما بعد الحجر الصحي..
يجب الانطلاق من مبدأ مفاده أن الحجر الصحي هو إجراء لمحاصرة و تضييق دائرة إنتشار وباء كوفيد 19 و ليس دواء للقضاء عليه بشكل نهائي ، و أن عملية التمديد و إعادة التمديد تستند إلى احصائيات و توقعات تهدف إلى تقليل عدد المصابين و عدد الوفيات و تقليص التكلفة العلاجية من باب حفظ الأمن الصحي للمواطنين . هذه الإجراءات لها ايضا تكلفة إقتصادية و إجتماعية على الحياة العامة ككل و على نمط العيش اليومي للمواطنات و المواطنيين ، مما يقتضي التفكير في كيفية التخفيف من إجراءات الحجر - في أفق رفعه التام - بشكل يلائم بين الحاجة لاستعادة إيقاع الحياة الطبيعية و ضرورة الحيطة من اجتياح الفيروس للمجتمع بشكل يعقد أية عملية للتحكم فيه. هذه المعادلة هي فعلا الشغل الشاغل لكل مؤسسات الدولة( الحكومة، لجنة اليقظة، الجهاز الطبي و الإداري و الأمني ) ألتي تسهر على تدبير الجاءحة، مستندة إلى قراءات متعددة للاوضاع ( الوباءية، الإقتصادية، الإجتماعية و حتى الأمنية... ) داخليا و دوليا .
وفي ظل تضارب الروءى العلمية و العلاجية حول إمكانات إيجاد لقاح فعال ضد كوفيد 19 و لو على الأقل في الأمد القصير و القريب جدا، فإن إمكانية رفع الحجر أو التخفيف منه على الأقل يفترض الاستناد إلى استراتيجية التعايش مع الفيروس من خلال بزوغ ثقافة و وعي اجتماعيين جديدين يقطعان مع كل اشكال الأنماط المعيشية والاجتماعية السابقة ألتي يمكن وصفها ب - العشوائية المنظمة- أو النمط المعيشي/ الإجتماعي غير الاحترازي . فبسبب عدم وجود حالة سابقة مشابهة يمكن محاكتها اجتماعيا، فمن الضروري انبثاق نمط معيشي و تنظيم اجتماعي مستجد يلائم طبيعة الفيروس المستجد . فالاجراءات التي تدعوا لها السلطات الصحية و الإدارية حاليا من تباعد إجتماعي، و نظافة مستمرة و تنظيم الحركية الإجتماعية يجب أن تتحول من إجراءات ظرفية إلى تقاليد يومية و تصرف شبه طبيعي حتى يمكن التعايش مع الوباء بشكل يسمح بابقاءه محاصرا و متحكما فيه و يسمح كذلك للحياة الإقتصادية و الإجتماعية بالعودة التدريجية لطبيعتها، و كل ذلك في أفق التوصل لعلاج يقضي نهائيا على الوباء.
تعليقات
إرسال تعليق