بسبب التعاطي مع فيروس كورونا.. الزميل عزيز باطراح للمديرة الجهوية للصحة بمراكش آسفي: عفوا سيدتي.. هناك محسوبية
لم يسبق لي سيدتي مديرة الصحة العمومية بجهة مراكش آسفي، أن التقيتك. ولم يسبق لي أن تعرفت إليك لا من قريب أو بعيد. لكن سيدتي المحترمة ثقي بي كل الثقة، أنني لم أسمع عنك من المقربين إليك ومنك، والله ربي وربك، إلا كل خير.. سيدة و مواطنة مغربية محترمة وخدومة.
عندما اتصلت بك هاتفيا، سيدتي، في الجزء الثاني من صباح يومه السبت، ونقلت إليك، آهات وأنات المواطنين، ومعاناتهم اليومية بعد الاتصالات المتكررة بالأرقام المخصصة بالتبليغ عن المشتبه بإصابتهم بالفيروس اللعين، كنت صادقا مع نفسي اولا، ثم معك ثانيا بصفتك ممثلة الوزارة بجهة مراكش آسفي، وبصفتك المسؤولة و المؤتمنة الأولى عن صحة مواطني هذه الجهة.
نعم هناك زبونية سيدتي
لكن للأسف سيدتي، لم تكوني بالشفافية التي حدثني عنها المقربون منك، حيث جاءت ردودك عن أسئلة صحيفة "المراكشي" رسمية وباردة، قبل ان تطلبي إنهاء المكالمة لأنك في اجتماع. وإذ ألتمس لك سيدتي الأعذار لكثرة اجتماعاتك ومسؤولياتك في هذه الأزمة التي ألمت بالبلاد والعباد، ونرجو منه تعالى أن يزيحها عنا في اقرب وقت وبأقل الخسائر، فإني أستسمحك، سيدتي، في مخاطبتك كمسؤولة عن صحة وسلامة مواطني جهة مراكش آسفي، واسمحي لي أن اقتطع من وقتك الثمين دقائق لأنقل إليك بكل صدق وأمانة ما وردني من أطباء وأساتذة أطباء وممرضات وممرضين، ومن مسؤولين من مختلف المستويات بهذه المدينة، ومن مواطنين.
لا يمكن إلا لجاحد أن ينكر المجهودات الجبارة التي تبذلها مختلف الأطقم الطبية، من مختلف المستويات، أساتذة أطباء، أطباء من كل الفئات، والأطقم شبه الطبية و الممرضات و الممرضين وإداريو الصحة العمومية بهذه الجهة من جهات المغرب، والذين يبذلون كل ما في وسعهم، بل أكثر من فوق طاقتهم من أجل إنقاذ الأرواح وإسعاف المرضى. لكن سيدتي... ومع ذلك فإن هناك زبونية.
أيمكنك سيدتي أن تنكري أنه لولا التدخلات من أعلى المستويات بهذه المدينة، هل كان بالإمكان أن يتم إخضاع المرحوم برحمته الواسعة عصام للتحاليل المخبرية.. عصام المحامي الشاب الذي خلف في نفوس زملائه المحامين وعموم أسرة العدالة بمراكش، حسرة وكمدا وحزنا ما بعده حزن؟. وإذا كانت الأعمار بيد الله، فبيدك سيدتي أن تخضعيه للتحاليل في وقت سابق من تدخل أكثر من جهة وأكثر من مسؤول في هذه المدينة.
هل يمكن أن تنكري سيدتي؟
أيمكنك سيدتي أن تنكري أنه لولا التدخلات من أعلى المستويات، هل كان بالإمكان إخضاع شقيقة المرحوم عصام للتحاليل المخبرية، والتي تأكدت إصابتها بالفيروس اللعين؟. أيمكنك سيدتي أن تنكري أنه لولا التدخل من أعلى المستويات ومن طرف أكثر من جهة، هل كان بالإمكان أن يخضع باقي أفراد أسرة المرحوم للتحاليل؟.
لسنا، هنا، سيدتي المحترمة بصدد إلقاء اللوم على إدارتك. ولعل أي مواطن عاين حالة المرحوم عصام قبل قدومه إلى المستشفى، كان يمكنه أن يقيم الأرض ويقعدها، قبل أن يلتمس من زملائه أو معارفه أو أي مسؤول بهذه المدينة ويطلب منه أن يتصل بأي مسؤول في إدارتك قصد التدخل وإخضاع المريض للتحاليل.
ليس هذا وقت الحساب سيدتي المحترمة، ولكن كلمة حق وجب قولها، هنا، في هذا الظرف الاستثنائي الذي تمر منه البلاد، فالأرقام الهاتفية لوزارتك لا تجيب على اتصالات المواطنين، وإن أجابت فإنها لا تغيث أحدا ولا تتدخل في الوقت المناسب لنقل المريض. وإذا تم نقله بأية وسيلة أخرى، غير سيارة الإسعاف، فإن مستشفياتك، سيدتي، لا تستقبله وتكتفي بتسجيل معلوماته وتطلب منه أن يعود من حيث أتى، أو يتصل بالأرقام اللعينة تلك.. الأرقام الخرساء تلك...
سألتك عبر الهاتف، سيدتي، عن الكاشف السريع، وقلت إن الوزارة لم تبعث كميات منه بعد، وسألتك، سيدتي، متى ستبعثها وكان ردك:" لا يمكنني الجواب مكان الوزارة" قبل أن تطلبي إنهاء المكالمة بدعوى أنك في اجتماع.
أخاطبك، سيدتي، باسم المكلومين
لماذا، سيدتي، لا تملكين الجواب عن زمن وصول هذا الكاشف السريع؟، لم لا يمكن أن تجيبي مكان الوزارة؟، أنت الوزارة، سيدتي هنا، بجهة مراكش أسفي. أنت من يمثل الوزير وجميع المديريات والصالح المركزية، هنا، بجهة مراكش آسفي. وإذا كنت لا تمثلين الوزير والمديريات والمصالح المركزية، فماذا تمثلين؟، ما هو دورك خلف تلك الإدارة الجهوية وفوق كرسي المسؤولية؟، إذا كنت لا تستطيعين تمثيل الوزارة والوزير، هنا، بجهة مراكش آسفي، فيمكنك سيدتي أن تستقيلي الآن وليس غذا، وتتركي المسؤولية لزميلة أو زميل آخر يمكن أن يمثل الوزير والوزارة.
عفوا، سيدتي، إن كنت أخاطبك بهذه اللغة، فهي نابعة من نبض المكتوين بنار الوباء.. المرعوبين من انتشار الجائحة.. المكلومين الذين فقدوا عزيزا بسبب الجائحة ولا يستطيعون، سبيلا، إلى إقامة جنازة تلقيت بالهالك، و يشيعوه على صوت "لا إله إلا الله محمد رسول الله"... أخاطبك، سيدتي، باسم من لا يستطيعون تلاوة ما تيسر من سورة ياسين.. أكلمك، سيدتي، باسم الأحبة الذين لا يستطيعون تقديم العزاء لأسرة الفقيد.. ألم يقرأ نقيب هيئة المحامين باسم كل زملاء الفقيد عصام كلمة التأبين من داخل مقر الهيئة وليس في المقربة أمام قبر الفقيد؟.
باسم هؤلاء سيدتي أخاطبك بهذه المرارة، باسم كل المكلومين وكل المرعوبين والخائفين المرتعدين من هذا الوحش الشبح، الذي يمكن أن يلفح رضيعا بريئا، أو شيخا هرما، في أية لحظة وحين.
لم تحتفظ وزارك بـ100 ألف كاشف سريع؟
نعم سيدتي المديرة، هناك زبونية، ولعلي ألتمس لك العذر فيها، نظرا للضغط وكثرة المرضى أو المشتبه بهم المحتمين القادمين إلى مختلف المستشفيات، لكن اسمحي لي سيدتي: عليك أن تجيبي على هذه الأسئلة لأنك، أنت هنا، من يمثل الوزير:
لماذا تحتفظ وزارتك بحوالي 100 ألف كاشف سريع في مستودعات وزارتها منذ ثلاثة أيام؟، هل تنتظر مزيدا من الضحايا؟، ما أسباب كل هذا التأخير؟، نعم هناك ضغوطات على الأطباء وعلى المستشفيات من طالبي الخضوع للتحاليل، وهنا، يقع التدخل ويستفيد هذا من التحاليل، وعلى الأخر أن ينتظر جوابا من الهاتف اللعين.
بعثت سيدتي أكثر من 80 عينة من عينات دماء مصابين محتملين، خلال الأربعة والعشرين ساعة الأخيرة، لم تصلك منها إلا 25 بالمائة، فأين الباقي؟، طبعا عليك أن تنتظري النتائج من معهد باستور بالدار البيضاء، فما دورك إن لم تضغطي على الوزارة وتبعث كميات كافية من الكاشف السريع؟ وما يسري عليك يسري على باقي المدراء الجهويين، خاصة بالجهات التي تعاني من ضغط زائد.
يرقد المصاب المحتمل، سيدتي بالمستشفى، 24 ساعة وهو ينتظر النتيجة، ومعه ينتظر أنفار من أحبائه وأقرباءه خلف أسوار المستشفى. وإذا علمنا أن العشرات من المصابين والمحتمل إصابتهم ينتظرون، والعشرات في الطابور ينتظرون دورهم لأخذ عينات الدم.. أليس في هذا ضغط على الأطباء والممرضين وكل العاملين؟، ألا يدعوك هذا لنقل هذا الضغط إلى وزارتك؟ والحصول على الكاشف السريع الذي لا تستغرق نتائجه سوى 15 دقيقة، هي الدقائق التي يمكن أن تتوقف عليها حياة المئات من المرضى.
أن ينتظر المريض، سيدتي المديرة، 24 ساعة نتيجة التحاليل داخل المستشفى أمر غير مقبول، فخلالها قد تكون نتيجته سلبية، لكن احتمال إصابته داخل المستشفى من كثرة المصابين وارد.
سيدتي المحترمة مديرة الصحة العمومية بجهة مراكش آسفي، طالب عدد من المواطنين، والمسؤولين أيضا، بأن يتم فتح تحقيق من قبل النيابة العامة في قضية الزبونية هذه، لكن في اعتقادي ليس هذا وقت الحساب أو المحاسبة.
من حيث المبدأ، اتفق جملة وتفصيلا مع هذا المطلب، فالأمر، هنا، يتعلق بحياة الناس وهو حق من حقوق الإنسان، ومنه أيضا الحق في التطبيب، لكن لأن بلادنا تمر بأزمة حرجة و خطيرة، فإن هذا المطلب مؤجل إلى حين، فنحن في أمس الحاجة إلى جميع الكفاءات وجميع الأطر القادرة على المساهمة في إنقاذ البلاد والعباد.
..هلا أبلغتها لوزيرك؟
فالطبيب اليوم يملك في يده جزءا هاما من حل الأزمة، وهو المتواجد والصامد في الطليعة، في الجبهة الأمامية لمكافحة الفيروس اللعين. والطاقات الأخرى، كل الطاقات، من الأطر والكفاءات من سلطات وأمن ودرك وجنود، نحن جميعا في أمس الحاجة إليهم ونحييهم على مجهوداتهم، فهم ايضا في طلائع المدافعين عن حياة شعبنا وأمن وطننا.
نحن، أيضا، في أمس الحاجة إلى كل مواطن قادر على تقديم يد العون لمن فقد عمله ولا يستطيع تأمين لقمة العيش لأبنائه. وعموما فالوطن في حاجة ماسة إلى كل أفراد الشعب. فلنلتزم جميعا بالتدابير الاحترازية ونغلق أبواب بيوتنا حتى نتخطى الأزمة بأقل الخسائر.
نحن، أيضا، في أمس الحاجة إلى كل مواطن قادر على تقديم يد العون لمن فقد عمله ولا يستطيع تأمين لقمة العيش لأبنائه. وعموما فالوطن في حاجة ماسة إلى كل أفراد الشعب. فلنلتزم جميعا بالتدابير الاحترازية ونغلق أبواب بيوتنا حتى نتخطى الأزمة بأقل الخسائر.
وأخيرا، سيدتي، أتمنى أن أكون قد بلغت وأوفيت في إيصال الآهات والأنات إلى مسامعك، و التي تصلني يوميا من المواطنين، بصفتك ممثلة الوزير والوزارة، هنا، بجهة مراكش أسفي، إن كانت هذه الأنات لم تصلك عن طريق معاونيك، فهلا بلغت هذه المعانات لوزيرك؟.
عزيز باطراح مدير نشر موقع المراكشي الإلكتروني
تعليقات
إرسال تعليق