مرت سنة كاملة على الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثالثة، والذي دعا من خلاله الملك محمد السادس إلى تمليك الأراضي الجماعية البورية لفائدة ذوي الحقوق، على غرار تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري. ومنذ ذلك اليوم، بدأت عمالات الأقاليم التي تضم أراض سلالية تعرف توافد آلاف الأشخاص يوميا، من أجل تسجيل أنفسهم في لوائح ذوي الحقوق. وعرفت هذه السنة بداية الشروع الفعلي في أجرأة الورش الملكي لتعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية، من خلال إصدار ثلاثة قوانين تتعلق بالأراضي السلالية، تمت المصادقة عليها بمجلسي البرلمان، قبل اختتام الدورة التشريعية السابقة، ثم صدرت أخيرا بالجريدة الرسمية، في انتظار إخراج المراسيم التطبيقية لهذه القوانين. في هذا الحوار، يكشف عبد المجيد الحنكاري، العامل مدير الشؤون القروية بوزارة الداخلية، عن تفاصيل وكواليس إخراج هذه القوانين، وكذلك كيفية تفعيلها على أرض الواقع، وتمليك الأراضي لذوي الحقوق.
دخلت القوانين الجديدة المتعلقة بالأراضي السلالية حيز التطبيق، بعد نشرها بالجريدة الرسمية، ما هو سياق إخراج هذه القوانين؟
أولا نشكر جريدتكم المحترمة على فسح المجال لنا للتواصل مع الرأي العام حول هذه القوانين، لأننا نعتبر وسائل الإعلام ضرورية ليتمكن المتتبع من الوصول إلى المعلومة.
أما بالنسبة إلى القوانين المؤطرة للأراضي السلالية، فهذا الموضوع كان محل مزايدات سياسية، واقتصادية، واجتماعية لسنوات طويلة، منذ بداية العشرية الأولى من القرن الحالي، لأنه بدأ الاهتمام يتصاعد ويتكاثر بالنسبة إلى العقار، وأساسا العقار المملوك للجماعات السلالية، وبدأ كل واحد يدلو بدلوه، حتى أصبح يتخيل للمرء أن تدبير القطاع خرج من يد القانون، لأنه أصبح موضوعا يتداول فيه الجميع، لذك كان من اللازم أن تنتبه الدولة إلى هذه الإشكالية، لأنه بدأ الاهتمام بالموضوع، بالإضافة كذلك إلى وجود أسباب أخرى سياسية واقتصادية، لأن أراضي الجموع تساوي الأموال بالنسبة إلى البعض، كما يشكل أعضاء الجماعات السلالية خزانا انتخابيا بالنسبة إلى البعض الآخر، ولذلك بدأ الاهتمام يتزايد بالملف، والترافع عليه من طرف السياسيين، وكل واحد يترافع بطريقته في إطار الحرية التي يكفلها القانون.
ولهذا، كان من الضروري وضع أساس إصلاح حقيقي، ومن هنا جاء الحوار الوطني حول أراضي الجموع تحت الرعاية الملكية السامية، وفي الحقيقة اتخذ القرار سنة 2012، ولكن البداية الفعلية لأجرأة الحوار كانت في سنة 2014، وكان لي شرف تحمل المسؤولية، وواكبت هذا الحوار بكل تشعباته وبكل امتداداته وكانت تجربة رائعة في الواقع في ما يخص التواصل والترافع والتشخيص والاقتراحات.
ما هي مخرجات هذا الحوار، وكيف تم تنزيلها من طرف مديرية الشؤون القروية باعتبارها الجهة الوصية على الأراضي السلالية؟
هذا الحوار تم على مستوى جهوي من خلال خمس محطات جهوية، وكانت خلاصاته جد رائعة، من جملة ما دعت إليه كأول خطوة هو إعادة النظر في الترسانة القانونية، التي تؤرخ لزمن الاستعمار منذ سنة 1919، لأنه بدون إعادة النظر في القوانين لا يمكن إصلاح المنظومة العقارية، وهو ما أكد عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في رسالته الموجهة إلى المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة، رغم أن هذه السياسة لم تخرج إلى الوجود لحد الآن. كما قلت الرسالة الملكية ثمنت مخرجات الحوار الوطني ودعت إلى التفعيل والأجرأة، ومن ذلك الوقت انطلقنا في إعداد القوانين، وأقول لك بكل اعتزاز، إن هذه القوانين هي منتوج داخلي صرف، لم نستعن لا بمكاتب دراسات ولا بخبراء، سواء أجانب أو مغاربة، هو عمل خالص لمسؤولي وأطر المديرية العامة للشؤون الداخلية.
ثم بعد ذلك، انطلقنا في النقاش مع الأمانة العامة للحكومة وباقي شركائنا، وكانت مقاربة تشاركية واسعة جدا، وأقول لك عن استحقاق، لم يكن أي قانون تحققت فيه المقاربة التشاركية مثلما تحققت في هذه القوانين، من خلال تنظيم عدة ندوات وأيام دراسية داخل البرلمان وخارجه، ولهذا تحقق الإجماع بمجلسي النواب والمستشارين أثناء المصادقة على القوانين الثلاثة المتعلقة بالأراضي السلالية، الأول يشكل القاعدة وهو القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، والثاني هو قانون رقم 63.17 المتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية، ويتضمن مستجدات بخصوص تبسيط المساطر، والقانون الثالث يتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري، وهي الأراضي التي يتم تمليكها لذوي الحقوق.
صدور القوانين بعد قرن من الزمن، يمكن اعتباره ثورة قانونية، ما الجديد الذي حملته هذه القوانين بالنسبة لتنظيم الأراضي السلالية؟
المستجد الأبرز هو إمكانية التمليك، كما قال جلالة الملك في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية للسنة الماضية، حيث دعا إلى تمليك الأراضي الجماعية البورية لفائدة ذوي الحقوق، على غرار تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، حيث تنص هذه القوانين الجديدة على إمكانية تمليك الأراضي الفلاحية البورية لفائدة ذوي الحقوق، هذا حلم لم يكن يفكر فيه أي أحد، لكن هذه الإمكانية الآن أصبحت حقيقة، ولذلك يجب أن توفر الإدارة أسباب نجاح العملية، وذلك بتنسيق بين مختلف القطاعات المعنية، كل في مجال اختصاصه، وهناك كذلك المستجد الأبرز في ما يخص القوانين الجديدة، وهو تكريس المساواة بين المرأة والرجل أعضاء الجماعة السلالية في الحقوق، وكما يعلم الجميع شكل هذا الموضوع نقاشا كبيرا داخل المجتمع، وهناك من استغله لأهداف أخرى، أما المستجد الثالث هو لامركزة القرار، لأن القانون فرض مؤسسات لتدبير الأملاك الجماعية، أصبحت محلية وليست مركزية، من خلال إحداث مجالس للوصاية على الصعيد الإقليمي، إلى جانب مجلس الوصاية المركزي، وهذا الأخير أصبح دوره يتجلى في التحكيم والبرمجة والمراقبة ووضع الاستراتيجية، أما الجانب العملياتي فأصبح محليا، ويتجلى المستجد في إمكانية تأسيس مبدأ المنافسة وطلبات العروض في ما يخص تثمين الأراضي المخصصة للاستثمار، نريد القطع مع ممارسات متفشية، لأنه كانت الملفات تمرر بالطرق التقليدية، أنا لا أنتقد هذه الطرق، ربما تكون أجدى من طلبات العروض في بعض الأحيان، لكن مبادئ الشفافية تستلزم أن تعانق الإدارة مقاربات أخرى جديدة في ما يخص تدبير الشأن العام وتدبير أراضي الجموع، كما فرضت المستجدات أن تكون الشفافية والتنافس الحر هما المحك والحكم، بناء على قاعدة دفاتر التحملات.
أثناء دارسة هذه القوانين بمجلسي البرلمان، كان هناك حديث عن مقاومة من طرف بعض اللوبيات المستفيدة من الوضع الحالي، هل هذا صحيح؟
لم تكن مقاومة أعتقد أن موقف بعض الأطراف هو موقف نابع من محدودية معرفتهم بهذا الملف، في المغرب العقار ليس سهلا لأنه يشكل جزءا من الإنسان، وكما قلت في أحد اللقاءات التي نظمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي إن المقاربة التي يعتمدها البعض هي مقاربة خاطئة، بحكم النظر إلى العقار كقيمة مالية، وبناء على هذه المقاربة يتم الخروج باستنتاجات. وحتى أوضح كلامي، مثلا هناك من يملك منزلا في قمة الجبل ويمكن أن تعطيه ثمنا مغريا لكنه يرفض بيع المنزل، لأنه تربطه به أشياء أخرى لامادية لا تساوي أي ثمن بالنسبة إليه، لأن أول حاجة يفكر فيها المغربي هي تمليك عقار.
سأكون إيجابيا دون الخوض في التفاصيل، لم تكن هناك دراية للناس الذين ناقشوا القوانين، إنهم لا يعرفون العمق والبعد العقاري بالمغرب وخصوصيته، الشيء الذي أثار انتباهي لأول مرة، هو أن المؤسسة التشريعية وقفت موقف المدافع عن اللاقانون، في الوقت الذي كانت الإدارة أكثر شجاعة في تناول القضايا العقارية، مثلا بعض المشرعين وقفوا وقفة صامدة للدفاع عن فئة من الأشخاص يستغلون أراضي الجموع بدون سند قانوني، والإدارة جاءت باقتراحات شجاعة، وقلنا يجب ترتيب الجزاءات، لا بالنسبة إلى الذين سهلوا لهم الولوج إلى العقار بدون سند قانوني، ولا بالنسبة إلى المستغلين، ولا بالنسبة إلى الذين ساهموا في صناعة وثائق غير قانونية أو تزوير. كان نقاشا كبيرا وعميقا كاد أن يعرقل مسيرة المصادقة على القوانين، لكن كنا صارمين، لأن لا يمكن أبدا التساهل مع الفوضى، لأن البعض من هؤلاء الذي حاولوا عرقلة إخراج القوانين، بأنفسهم كانوا يوجهون إلينا الاتهامات، ويقولون هناك ريع ومضاربة عقارية وتغاض من الإدارة على هذه الأفعال واتهموا رجال السلطة والإدارة، وكيف بهم يريدون العودة إلى الوراء؟ لكن تجاوزنا الأمر وخرج القانون إلى الوجود.
قبل الشروع في تفعيل القانون، هل تمتلكون تشخيصا لمساحة الأراضي السلالية المستغلة بشكل غير قانوني، وكم عدد الحالات؟
لدينا تشخيص أولي وينتظرنا عمل مضن، والذي لا يحب عمله ومهنته إلى حد الجنون والهوس لا يمكنه القيام بأي شيء، ودعني أقول لك العقار الجماعي يمكن أن تجد فيه العجائب، لقد قمنا بعملية التشخيص، ووجدنا حوالي 30 ألف حالة احتلال بدون سند قانوني.
(مقاطعا) يعني السطو؟
لا أسميه سطوا، ولكن يمكن تسميته الولوج إلى العقار بطريقة غير قانونية، إما أنه تم اقتناؤه من ذوي الحقوق، أو تم تزوير الوثائق، أو الإدارة سهلت ذلك بالتواطؤ، لأن حتى الإدارة «ما سهلاش»، ولكن لا يعذر أحد بجهله للقانون، وجدنا حوالي 185هكتار امستغلة بشكل غير قانوني، مقابل 120 ألف هكتار تستغل بشكل قانوني، وهناك حوالي مليون و700 ألف هكتار يستغلها ذوو الحقوق، وهذا الصنف هو الذي يريد جلالة الملك إدماجهم وتتشكل منهم طبقة فلاحية وسطى، عن طريق تأطيرهم وتشجيعهم للتمليك ومواكبتهم بالتكوين والتمويل، وهذا ما نشتغل عليه إذا توفرت شروط المواكبة.
إذن كيف ستتم عملية التمليك على أرض الواقع، في ظل الإكراهات المطروحة؟
لتسهيل الفهم على المواطن، وللتوضيح أكثر بكل بساطة، مثلا حالة شخص من ذوي الحقوق شرط أن يكون سلاليا، نفترض أن هذا الشخص تم إحصاؤه في لائحة ذوي الحقوق وتمت المصادقة عليها من طرف السلطات المختصة، ونفترض أنه يستغل قطعة أرضية فلاحية، ليست رعوية وليست واقعة داخل المدن أو الضواحي وليست مسقية، يعني يجب أن تكون أرضا فلاحية بورية، ونفترض أن هذه القطعة يمكن أن تشكل استغلالية فلاحية تساعده في العيش الكريم، إذن وفق القوانين الجديدة فإن هذه القطعة الأرضية تشكل نواة التمليك، في هذه الحالة نقوم بربط الاتصال بهذا الشخص، لأنه وفق القوانين السابقة له فقط حق الانتفاع وهذا الحق لا يباع ولا يشترى، ونقترح عليه الحصول على ملكية هذه الأرض مجانا بدون مقابل، ولكن بشرط تجويدها والرفع من قيمة الاستغلال، فبمجرد استغلال هذه الأرض يصبح الشخص مالكا لها، وبعد سنة أو سنتين يحصل على رسم الملكية العقارية.
يعني أن الملكية ستكون مرتبطة بالاستغلال؟
فعلا، الملكية ستكون مرتبطة باستغلال الأرض، لماذا نقترح مدة معينة للاستغلال، قبل التمليك، حتى لا نشجع المضاربة العقارية والريع وحتى لا نشجع التمليك من أجل التمليك فقط، لأن الهدف الأسمى من عملية التمليك هو خلق الثروة ومناصب الشغل، وخلق دينامية فلاحية بالعالم القروي، كما قال صاحب الجلالة، ولتدارك أخطاء وقعت في السابق، من خلال المضاربات في العقار الجماعي بدون استثمار، وطبعا هذا العمل سيستغرق وقتا من الزمن، ولكن سنقوم بتنزيل هذه الإصلاحات تدريجيا على مدى ست سنوات.
هل سيكون هناك دعم ومواكبة من طرف وزارة الفلاحة لتثمين الأراضي السلالية؟
هذا ما نقول، القطاع المكلف بالفلاحة يجب أن ينخرط كليا في هذه العملية، من خلال إشراك المستفيدين في برامج مخطط المغرب الأخضر، لأن هناك فئات مقصية ومهمشة بالعالم القروي، وآن الأوان للاهتمام بها، بناء على التعليمات الملكية للنهوض بأوضاع الفلاحين الصغار والمتوسطين.
لكن يوجد تخوف من تقسيم الأراضي إلى قطع صغيرة غير قابلة للاستغلال الفلاحي، ولاحظنا توافد عدد كبير من ذوي الحقوق بمجرد انتشار خبر التمليك؟
هناك التجزيء القانوني والتجزيء الواقعي، والذي تتكلم عنه هو التجزيء الواقعي وليس القانوني، مع الأسف الشديد هناك قانون صدر سنة 1994 وقبله كان قانون صدر منذ سنة 1964، ينص على منع تجزيء العقار إلى مساحة تقل عن خمسة هكتارات، وفي بعض المناطق إلى أقل من 10 هكتارات، وهناك مرسوم يحدد هذه المناطق، لكن لا أحد يعمل بهذا القانون، إذن المشكل يكمن في التطبيق، أما القوانين موجودة.
عملية تجزيء العقار إلى مساحات صغيرة يساهم فيها الجميع بدون حسيب ولا رقيب، لذلك نريد أن نضع لها حدا، والآن نشتغل على المرسوم التطبيقي الذي سيحدد شروط التمليك والاستغلال، وذلك وفق قيمة الإنتاج التي تختلف من منطقة إلى أخرى، مثلا في منطقة الغرب يمكن التقسيم إلى هكتارين أو ثلاثة هكتارات، لأنه يمكن زراعتها ثلاث مرات في السنة، خلافا لمنطقة درعة مثلا، يمكن أن لا يقل التقسيم عن 20 هكتارا، وهذه المساحة لا تكفي، لأنه يتم استغلالها مرة في السنة، لذلك ستكون مواكبة من طرف المصالح الفلاحية المكلفة بتحديد كيفية الاستغلال، والخطاب الملكي كان واضحا، وحذر من التجزيء المفرط للملكية.
كم تقدر مساحة الأراضي السلالية المعنية بعملية التمليك؟
لحد الآن، حسب المؤشرات المتوفرة لدينا فإنها تصل إلى مليون و700 ألف هكتار، وهي أراض مستغلة مباشرة من طرف ذوي الحقوق، أتكلم فقط عن الأراضي البورية، لا أتكلم عن الأراضي السقوية التي تبلغ مساحتها 337 ألف هكتار، والتي تستفيد منها حاليا حوالي 120 ألف عائلة بالتمليك، أما الأراضي البورية تستفيد منها حوالي 300 ألف عائلة، ما يعني أن هناك حوالي مليون ونصف المليون مستفيد، لذلك فإن عملية تمليك وتثمين هذه الأراضي ستساهم في خلق فرص للشغل مهمة.
هل بدأتم في تنزيل وأجرأة هذه القوانين على أرض الواقع، بعد نشرها بالجريدة الرسمية؟
نحن نشتغل الآن على إعداد المراسيم التطبيقية لهذه القوانين، وستكون جاهزة بعد حوالي أربعة أشهر، لكن يوجد عمل في الميدان لتجميع كل المعطيات المرتبطة بالأراضي السلالية المعنية بالتمليك، من خلال تحديد هذه الأراضي، وحصر لوائح ذوي الحقوق، ولكن الحمد لله لدينا الآن المعطيات الكافية للاشتغال، ومستعدون للاشتغال ابتداء من يوم نشر المراسيم التطبيقية، بتعاون مع كل القطاعات المتدخلة، وخاصة وزارة الفلاحة التي ستوفر شروط المواكبة التقنية والمالية والتكوين.
بعد الخطاب الملكي، عرفت مقرات العمالات توافد أعداد غفيرة من ذوي الحقوق لتسجيل أنفسهم، هل حصرتم لوائح المستفيدين؟
التسجيل شيء آخر، لكي نتمكن من ضبط ذوي الحقوق، قبل قليل تحدثت عن الحوار الوطني لسنة 2014، ومن جملة التوصيات الصادرة عنه إعادة النظر في القانون، ثاني إشكالية كانت مطروحة بحدة هي مشكلة لوائح ذوي الحقوق، لأنه كان هناك تسيب وتلاعب في التسجيل بسبب غياب معايير موضوعية لتحديد الأشخاص ذوي الحقوق، وكان مشكل في مؤسسة نواب الجماعات السلالية، لأن نائب الجموع يفعل ما يريد بدون ناهي أو منتهي، لذلك قمنا بتعديل القانون، وركزنا على هذه النقطة. أما عملية حصر اللوائح فهي عملية جد معقدة ومضنية، الآن وصلنا تقريبا إلى 55 في المائة من الجماعات السلالية تم حصر لوائحها، أي ما يعادل تقريبا مليونين ونصف المليون من ذوي الحقوق.
يعني أن مجموع ذوي الحقوق يتجاوز 5 ملايين شخص؟
هذه أرقام تقريبية، كنا نتحدث من قبل عن 10 ملايين، لكن لا يمكن نفي هذا الرقم إلا بإثبات العكس، بعد حصر اللوائح، وكنا نتكلم عن 15 مليون هكتار من الأراضي السلالية، حتى نثبت العكس، الآن يمكن التأكيد أننا وصلنا إلى تحديد 15 مليونا بالدليل، وكذلك سيكون بالنسبة إلى ذوي الحقوق، نحن نقوم بعملية الإحصاء لحصر اللوائح مع نهاية شهر دجنبر المقبل، أو سنصل إلى 95 في المائة، بعد تنقية هذه اللوائح من كل الشوائب.
هناك نوع من أراضي الجموع يتم كراؤها لإقامة مشاريع استثمارية، هل ستبقى هذه العملية في ظل التمليك، أم ستفوت إلى المستغلين؟
هناك ثلاثة أنواع لكراء أراضي الجموع، النوع الأول تكون هذه الأراضي غير مستغلة، وتقوم الجماعة السلالية بكرائها، أما النوع الثاني هو وجود أشخاص لهم حصص مفرزة لاستغلالها في ما بينهم، ويتفقون على كرائها لمستثمرين، وأقول لك: «هاد الشي ما كيكونش لله في سبيل الله، ما كاين غير البيع والشرا، وكلشي من تحت التحت»، هذا النوع منتشر بكثرة بنواحي القنيطرة. وهناك النوع الثالث، يكون مجموعة من ذوي الحقوق لهم حصص مشاعة، ويقررون كراءها لأحد المستثمرين، هذه هي المداخيل الثلاثة للأكرية التي تنجزها مديرية الشؤون القروية باعتبارها الوصية على الأراضي السلالية.
هذه الأراضي تشكل مادة لتثمين العقار الجماعي في الاستغلال الفلاحي لدينا تقريبا 92 ألف هكتار، وهناك بعض الضيعات النموذجية في قلعة السراغنة والرحامنة وتارودانت وشيشاوة، وهذا يسر القلب، لأن هناك استثمارات مهمة ورائدة، والمستثمرون بذلوا مجهودات كبيرة لتثمين العقار، ليس مثل منطقة الغرب التي تزخر بمؤهلات فلاحية وإمكانيات كبيرة، لكن يوجد تشويش على الاستثمار، لذلك نحن في صراع دائم، مثلا عندما يأتي مستثمر ويجهز الأرض يأتي ذوو الحقوق للمطالبة باسترجاع أرضهم، هذا المشكل تمت معالجته في القانون، من خلال التنصيص على معاقبة كل من يعرقل الاستثمار في الأراضي السلالية، ويعرض نفسه للمتابعة القضائية.
تحدثت عن منطقة الغرب، هناك مشكل آخر يتجلى في استغلال الأرض لاستخراج الرمال عوض الاستثمار في مشاريع فلاحية؟
هذا تحايل، لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، واليد الواحدة لا تصفق، لذلك يجب تكاثف الجهود لمحاربة مثل هذه الممارسات، لأنه تتم سرقة الرمال في الليل، وهذه مسؤولية الجميع في تشديد المراقبة.
لكن يوجد أشخاص يدعون توفرهم على رخص مسلمة من طرف مديرية الشؤون القروية لتشطيب الرمال من الأرض، قبل استغلالها لإقامة مشاريع فلاحية، لكن هذه المشاريع تتبخر ويكون الهدف هو بيع الرمال؟
لا أبدا، لم نمنح أي رخصة لتشطيب الأراضي الفلاحية، لكن هناك لوبيات منظمة متورطة في مثل هذه الممارسات، وهذا يسيء لعملية تثمين العقار الجماعي، ويتم ضرب قواعد الشفافية بعرض الحائط. نتمنى صادقين القضاء على هذه الممارسات بمجرد استكمال عملية تنزيل النصوص التنظيمية، وسننتقل لتفعيل القانون بالمتابعات القضائية في حق هؤلاء الذين يثيرون الفوضى.
كذلك بضواحي المدن، هناك استهداف للأراضي السلالية من طرف لوبيات العقار، كيف تواجهون هذه اللوبيات؟
هذه الممارسات ليست في ضواحي المدن فقط، وإنما منتشرة حتى بالتجمعات السكنية الصاعدة، مثلا سيدي يحيى الغرب، واشتوكة أيت باها، وعين الشقف بضواحي فاس، وعين تاوجطات بالحاجب، أقول لك هناك كارثة بكل المقاييس تتجلى في التجزيء السري، والبناء العشوائي، هناك لوبيات كبيرة، مثلا في جماعة عين الشقف بإقليم مولاي يعقوب، أرسلنا أخيرا حوالي 4 آلاف إنذار، والمثير في الأمر أننا نجد برلمانيين يدافعون عن الفوضى، وهذا مشكل كبير جدا. لا يمكن للإدارة أن تشتغل لوحدها، نحن جادون وعازمون على تطبيق وتفعيل القانون، بل حتى رجال السلطة إذا لم يطبقوا القانون سيعاقبون.
عن تيلي ماروك
تعليقات
إرسال تعليق