التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الزاوية الأمغارية بتمصلوحت.. أكبر أقطاب التصوف المغربي

                                       

تعد الزاوية الأمغارية بتمصلوحت، التي تبعد بعشرين كيلومترا عن مدينة مراكش وتقع في النطاق الترابي لإقليم الحوز، من أكبر أقطاب التصوف المغربي، بالنظر إلى إسهامها الكبير في نشر التصوف الإسلامي، باعتباره منبع تطهير الروح، وتكريس قيم السلام والتسامح.


وأسهمت هذه الزاوية الدينية، التي تأسست في القرن الحادي عشر، على يد الولي الزاهد الفقيه مولاي عبد الله أمغار، دفين رباط تيط، الجماعة القروية الحالية مولاي عبد الله أمغار الواقعة بإقليم الجديدة، بشكل كبير، في تشكيل التصوف المغربي، من خلال تكوين مريدين متصوفة في علوم الدين، والذين انتشروا في جميع أنحاء المغرب، من خلال إحداث “الطريقة” الخاصة بهم.

ومنذ تأسيسها، ارتقت الزاوية كقبلة مرجعية بامتياز للفقهاء والعلماء، الذين حجوا بأعداد كبيرة للتبحر في المعارف الدينية، مما مكن، لاحقا، من توسيع نفوذها وتأثيرها خارج منطقة تمصلوحت، ليبلغ صداها مراكش، وجبال الأطلس الكبير، قبل أن تصل إلى عدة مناطق بالمملكة، وحتى إلى خارج الحدود الوطنية.

ومثلت هذه الزاوية على مدى تاريخها الطويل والرائع، مكانا رفيعا ل”الوساطة”، حيث كانت القبائل تفد عليها لحل نزاعاتها وخلافاتها، إضافة إلى ذلك، ووفاء لهذا المنطق، اتخذت القرية اسم تمصلوحت (من المصالحة)، في إشارة إلى أحد الأدوار الرئيسية التي لعبتها هذه الزاوية.

وانبنت قرية تمصلوحت، التي كانت في ما مضى منطقة مهجورة وغير مأهولة، حول هذه الزاوية وتحولت لاحقا إلى واحة خضراء تعج بالسكان.

وقال شيخ الزاوية الأمغارية بتمصلوحت، السعيدي مولاي زغلول، في تصريح لقناة (إم 24) التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “هذه الزاوية الدينية تعد أول ‘دار صلاح’ في المغرب، وأول حركة صوفية في العالم الإسلامي”.

وأضاف أنه “وخلال حياة مؤسسها، استقطبت الزاوية مريدين كثرا من جميع أنحاء المملكة والعالم الإسلامي، وكانت محجا لكبار المتصوفة الزهاد منهم والعلماء، والذين سيحملون مشعل علوم الدين”.

واستشهد بنموذج مولاي أحمد علي بن ريسون، الذي قضى 11 سنة بتمصلوحت، قبل أن يعود إلى تازروت (جبل العلم) ليؤسس الزاوية الريسونية بتوصية من الولي الموقر مولاي عبد الله أمغار، مؤكدا أن ولي الريف هذا نهض بدور هام مجاهدا ضد الغزو البرتغالي، عبر حشد القبائل والمحاربين في معركة الملوك الثلاثة (وادي المخازن).

وأشار مولاي زغلول، في هذا السياق، إلى أن الزوايا لعبت دورا كبيرا في تاريخ المغرب على المستويات السياسية والاجتماعية والدينية، وهذا ما حدا بالحماية الفرنسية إلى محاربتها وحاولت تشويه سمعتها، من أجل تسهيل بسط اليد على المملكة واستغلال ثرواتها، لافتا إلى أن دور التحسيس والتأطير الديني ونشر تعاليم الإسلام السمح والوسطي تم إحياؤه، بعد الاستقلال بفضل سلاطين وملوك المغرب.

وذكر شيخ الزاوية الأمغارية بأن التصوف الذي يتأسس على السلام والمحبة والسنة النبوية، يظل الأقرب إلى فلسفة وروح الإسلام، مؤكدا مركزية مؤسسة إمارة المؤمنين التي تشكل منذ قرون، دعامة وعامل استقرار بالنسبة للمغرب.

وأبدى ارتياحه قائلا “تواصل الزوايا، حتى في القرن الحادي والعشرين، الاضطلاع بمهامها النبيلة في التأطير والنصح الديني والنهوض بقيم السلام والتماسك الاجتماعي والتسامح، وذلك بفضل قربها من المواطنين”.

ونوه مولاي زغلول، في هذا الصدد، بالأعمال الجليلة التي قام بها السلاطين والملوك العلويون، والذين أولوا عناية فائقة لصون الزوايا التي تمثل تراثا حقيقا حيا، وإرثا لا ماديا ضاربا في القدم للحضارة المغربية العريقة.

وفي هذا الاتجاه، استحضر بفخر وامتنان كبيرين الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة المغفور له محمد الخامس سنة 1951 إلى هذه الزاوية، مذكرا بأن قبائل تمصلوحت كانت من أولى القبائل التي بايعت السلطان مولاي الحسن الأول.

وأشار ، في هذا السياق، إلى أن مكتبة الزاوية لا تزال تحتفظ بعناية بكل ظهائر ورسائل السلاطين والملوك العلويين الموجهة إلى شرفاء الزاوية الأمغارية.

وتتميز هذه الزاوية، التي تقف شاهدة على التاريخ العريق للتصوف المغربي، ب”جاذبيته” و”إشعاعه”، على حد سواء، بكونها تثير إعجاب أي زائر، من خلال روعة هندستها المعمارية وأصالتها، المستلهمة من التراث المعماري والحضاري الذي تتميز به المملكة.

ويؤوي هذا الصرح، الذي يحتضن مقر الزاوية ويمتد على زهاء هكتار، أحفاد الولي الصالح مولاي عبد الله أمغار. وهو موقع للعبادة منقطع النظير، ذو جمال فائق، والمستمد من زخرفة تقليدية ومتناغمة تم إنجازها بعناية، بالاعتماد على عناصر قديمة للعمارة الإسلامية، والموريسكية، والصناعة التقليدية المغربية، إضافة إلى فنون الحضارة العربية -الإسلامية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اعتقال مستشارة من حزب أخنوش بالحوز بتهمة الخيانة الزوجية و المشاركة في الفساد

تابعت المحكمة الإبتدائية بمراكش، مؤخرا، مستارة جماعة بإقليم الحوز تنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، في حالة سراح بكفالة، في قضية تتابع فيها بتهمة الخيانة الزوجية و المشاركة في الفساد. و تعود تفاصيل القضية، إلى ضبط المستشارة العزباء المزدادة سنة 2001 رفقة عشيقها المتزوج و المزداد سنة 1982 بداخل شقة بمراكش، بناء على شكاية تقدمت بها زوجة العشيق الذي لهها معه ابنان. بناء على ذلك، تم توقيف المعنييين بداخل الشقة، تنفيذا لتعليمات النيابة العامة المختصة، حيث تقرر اخضاعهما لتدابير الحراسة النظرية على ذمة البحث والتقديم.

تفاصيل حصرية في قضية العثور على جثة بضيعة بإقليم الحوز.. اعتداء جنسي و أثار طعن بسكين على الوجه و العنق

                                             في إطار مواكبتها لقضية العثور على جثة شاب من مواليد 1996، صباح اليوم الأربعاء ثاني أبريل الجاري وسط ضيعة فلاحية بدوار "تمزليط" التابع لجماعة تغدوين، أوضحت مصادر موثوقة أن جثة الهالك وجدت عليها أثار طعن بسكين أبيض على مستوى الخد الأيمن و كدمة واضحة على مستوى العنق. كما رجحت المصادر نفسها أن يكون الهالك الذي كان قيد حياته يعاني من اضطرابات نفسية، قد تعرض لإعتداء جنسي من طرف شخص أو عدة أشخاص يحتمل أنهم اقترفوا جريمة القتل، و ما يعزز فرضيتهم هو أنه وجد عاريا على مستوى الجزء السفلي من جسده. و في وقت تم فيه نقل جثة الهالك صوب مستودع الأموات بآيت أورير من أجل إخضاعه للتشريح الطبي بناء على أوامر النيابة العامة المختصة، تم فتح تحقيق من طرف الدرك الملكي لآيت أورير حول ظروف و ملابسات الفاجعة.

حادثة سير مروعة بإقليم الحوز تخلف قتلى ومصابين

شهدت بلدية تحناوت، مساء الأربعاء، حادثة سير مأساوية إثر اصطدام عنيف بين شاحنتين كبيرتين، مما أسفر عن مصرع شخصين، أحدهما سائق إحدى المركبتين، والآخر طفل صغير، إضافة إلى إصابة عدد من الأشخاص بجروح متفاوتة الخطورة. وعلى الفور، تدخلت فرق الإسعاف لتقديم العلاجات الأولية للمصابين، قبل نقلهم بسرعة إلى مستشفى الرازي بمراكش، نظراً لخطورة بعض الحالات. كما انتقلت عناصر الدرك الملكي إلى موقع الحادث لمعاينة الأضرار واتخاذ الإجراءات اللازمة. وبتعليمات من النيابة العامة، تم نقل جثتي الضحيتين إلى مستودع الأموات، فيما فُتح تحقيق معمّق لتحديد أسباب الحادث وكشف ملابساته.

حركة انتقالية جديدة في صفوف رجال السلطة بالحوز

في إطار سياسة تجديد النخب الإدارية وتعزيز دينامية تدبير الشأن المحلي، أعلنت السلطات الإقليمية بإقليم الحوز عن نتائج الحركة الانتقالية الخاصة برجال ونساء السلطة. هذه العملية همّت عدداً من القيادات، حيث تم نقل خليفة قائد أغواطيم إلى قيادة ثلاث نيعقوب، في حين تم تعيين خليفة قائد مولاي إبراهيم لتعويضه في أغواطيم. كما شملت التغييرات تعيين خليفة قائد سيدي عبد الله غيات، المكلف سابقاً بمركز الشويطر، بقيادة مولاي إبراهيم، مع تعويضه بخليفة تديلي مسفيوة، إضافة إلى تنقيل خليفة إكرفروان إلى نفس القيادة. وتندرج هذه التغييرات في إطار رؤية استراتيجية تعتمد على مبدأ الكفاءة وتثمين الموارد البشرية، ضمن منهجية تعتمد التقييم الموضوعي والمواكبة المستمرة. وتسعى السلطات الإقليمية من خلال هذه الحركة إلى تعزيز فعالية الإدارة الترابية وتهيئة أطرها للتجاوب مع التحديات التنموية والاستحقاقات الوطنية، عبر إعادة توزيع المهام وتحديث آليات العمل بما يتلاءم مع التحولات المتسارعة التي تشهدها البلاد.

محزن.. مصرع شاب وشقيقته في حادث اصطدام “موطور” بسيارة للنقل المدرسي

أودت حادثة سير خطيرة وقعت، امس السبت 12 أبريل، على مستوى الطريق الرابط بين مدينة اليوسفية والجماعة القروية سيدي أحمد الكنتور بحياة شاب وفتاة في مقتبل العمر، ما شكل صدمة قوية في نفس أفراد اسرتهما. وافادات مصادر محلية، أن الحادث نجم عن وقوع اصطدام عنيف، زوال أمس، بين سيارة للنقل المدرسي من نوع “هيونداي” كانت قادمة من جهة جماعة سيدي أحمد باتجاه مدينة الشماعية، قبل أن تصطدم من الجانب بدراجة نارية من نوع “رينكو” كان يقودها شاب ومعه شقيقته. ونظرا لقوة الاصطدام فقد فارق سائق الدراجة النارية الحياة على الفور بمكان الحادث متأثرا بإصاباته البليغة وبالنزيف الحاد الذي أصيب به، في حين جرى نقل شقيقته في حالة حرجة من قبل عناصر الوقاية المدنية الى مستعجلات المستشفى الإقليمي لالة حسناء باليوسفية لتلقي العلاجات إلا ان إصاباتها البليغة وخصوصا تلك التي تلقتها على مستوى الرأس عجلت بمصرعها بعد ساعات قليلة من ولوجها المستشفى. وحين إخطارها بالواقعة انتقلت الى عين المكان السلطات المحلية وعناصر الدرك الملكي حيث قامت بالمعاينة وفتح تحقيق في ظروف الحادث من أجل تحديد المسؤوليات، فيما تم نقل جثتي الضحيتين إلى مستو...