التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الفنان التشكيلي فائق العبودي.. لوحات عراقية تشير إلى ما لا يتخرب

 


كان السومريون، سكان وادي الرافدين يدفنون تاريخهم وإنجازات حضارتهم المدونة على ألواح الطين كلما مرّت عليهم محنٌ وكوارث ، كالطوفان أو الحروب والغزوات،وربما كانت هذه العادة البشرية التي فكر بها الإنسان العراقي القديم، قد تسللت بوعي أو بدونه إلى العراقي المعاصر،لأن يدفن كتبه وكتاباته ولوحاته ومنجزاته تحت تراب البيوت أو في الجدران ،وفي حقائب السفر أو المنافي.وهاهو الفنان العراقي(فائق العبودي) يفعل الشيء ذاته كأسلافه السومريين، لكنه هنا يعرض مظاهر حضارة وادي الرافدين المدفونة، إلى العالم بأوسع أبوابه ليطّلعوا على ما تخبئه ( سطوح) لوحاته من رموز وإشارات سومرية وبابلية وكلدانية وآشورية وهي تحاول الانبثاق من سطوح لوحاته إلى فضاء اكبر وأوسع يليق بذلك الإنجاز.

ففي هذه اللوحات عمد ( العبودي) إلى التركيز على الشكل الجمالي للفن الرافديني المعروف برموزه الدينية والأسطورية والاجتماعية وغيرها، لمعالجتها على سطوح (خشبية) مكونا منها طبقات لونية متداخلة مع بعضها، من خلال عمليات الحذف والإضافة، للوصول إلى السطح النهائي الذي يبدو نتيجة لكل ذلك التمازج اللوني والتداخل الشكلي.فاللوحة مقسمة الى جزئين تماثلهما مساحتين لونيتين، وهو ما لجأ إليه لأبراز القيمة الجمالية للشكل، إضافة إلى قوة اللون وحرارته. تصوران لنا عالمين حاضران دائما في الحياة الاجتماعية لوادي الرافدين قديما وحديثا هما: طبقة الآلهة/ السلطة، وطبقة العبيد/ الشعب، تفصل بينهما خطوط لونية حادة.

أن الفنان (العبودي) ركز على هذه الثنائية من ناحية الشكل(كأن يعمد إلى قطع اللوحة إلى نصفين وتقريبها من شكل اللوح الطيني وتكسّره من الجوانب)بالإضافة إلى ثنائية اللون، حيث نرى لوحاته تقتصر على لونين أو أكثر أحيانا (أصفر/ رمادي، أحمر/ رمادي قاتم أبيض/ رصاصي،أزرق/ أحمر قاتم ...الخ) لكن هذه الثنائية في اللون هي في الحقيقة تقع في زاوية من الإيهام أو التظاهر اللوني الذي يخفي تحته طبقات من الألوان والأشكال المتداخلة مع بعضها بانسجام تام يؤكد فكرة الصراع الجمالي وتقادم الزمن في ذات الوقت. وقد اشتغل عليها في جميع لوحات هذا المعرض وهو يعي تماما قيمة اللون الشرقي ودلالاته في الذاكرة الشعبية والسايكلوجية أيضا. كان فائق العبودي قد اشتغل قبل اكثر من سبع سنين على معالجة السطوح التصويرية وخاصة تجاربه في شكل ( الأثر) كقيمة جمالية / شكلية وما يمكن أن يحدث من اكتشافات ذات قيم حسية وجمالية. وتأتي هنا أيضا قيمة الرمز والأشكال الرافدينية بتقنية تستفيد من أشكال الموروث الشعبي العراقي ومفرداته.

إن لجوء الفنان العراقي ألان إلى التمعن في أرضه وتاريخه، يشابه خوف الإنسان العراقي القديم على منجزات حضارته من الزوال،وهو يقف على تلال تخفي تحتها ألواح سكانها الذين تناقلوا حفظها من جيل لآخر خوفا عليها من الخراب الذي يتكرر على هذه الأرض.كأن فائق العبودي يشير إلى الأمل من خلال شفافية ألوانه، وهو يتنقل بفرشاة طفل يكتشف العالم، وبرؤى آثاري يعيد ترميم العالم القديم ليكشف لنا عن لوحات عراقية تشير إلى ما لا يتخرب.

حيدر عودة

 كاتب وناقد عراقي 

مقيم في الولايات المتحده الامريكيه

 
 
 
 
 
 
 
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اعتقال مستشارة من حزب أخنوش بالحوز بتهمة الخيانة الزوجية و المشاركة في الفساد

تابعت المحكمة الإبتدائية بمراكش، مؤخرا، مستارة جماعة بإقليم الحوز تنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، في حالة سراح بكفالة، في قضية تتابع فيها بتهمة الخيانة الزوجية و المشاركة في الفساد. و تعود تفاصيل القضية، إلى ضبط المستشارة العزباء المزدادة سنة 2001 رفقة عشيقها المتزوج و المزداد سنة 1982 بداخل شقة بمراكش، بناء على شكاية تقدمت بها زوجة العشيق الذي لهها معه ابنان. بناء على ذلك، تم توقيف المعنييين بداخل الشقة، تنفيذا لتعليمات النيابة العامة المختصة، حيث تقرر اخضاعهما لتدابير الحراسة النظرية على ذمة البحث والتقديم.

تفاصيل حصرية في قضية العثور على جثة بضيعة بإقليم الحوز.. اعتداء جنسي و أثار طعن بسكين على الوجه و العنق

                                             في إطار مواكبتها لقضية العثور على جثة شاب من مواليد 1996، صباح اليوم الأربعاء ثاني أبريل الجاري وسط ضيعة فلاحية بدوار "تمزليط" التابع لجماعة تغدوين، أوضحت مصادر موثوقة أن جثة الهالك وجدت عليها أثار طعن بسكين أبيض على مستوى الخد الأيمن و كدمة واضحة على مستوى العنق. كما رجحت المصادر نفسها أن يكون الهالك الذي كان قيد حياته يعاني من اضطرابات نفسية، قد تعرض لإعتداء جنسي من طرف شخص أو عدة أشخاص يحتمل أنهم اقترفوا جريمة القتل، و ما يعزز فرضيتهم هو أنه وجد عاريا على مستوى الجزء السفلي من جسده. و في وقت تم فيه نقل جثة الهالك صوب مستودع الأموات بآيت أورير من أجل إخضاعه للتشريح الطبي بناء على أوامر النيابة العامة المختصة، تم فتح تحقيق من طرف الدرك الملكي لآيت أورير حول ظروف و ملابسات الفاجعة.

حادثة سير مروعة بإقليم الحوز تخلف قتلى ومصابين

شهدت بلدية تحناوت، مساء الأربعاء، حادثة سير مأساوية إثر اصطدام عنيف بين شاحنتين كبيرتين، مما أسفر عن مصرع شخصين، أحدهما سائق إحدى المركبتين، والآخر طفل صغير، إضافة إلى إصابة عدد من الأشخاص بجروح متفاوتة الخطورة. وعلى الفور، تدخلت فرق الإسعاف لتقديم العلاجات الأولية للمصابين، قبل نقلهم بسرعة إلى مستشفى الرازي بمراكش، نظراً لخطورة بعض الحالات. كما انتقلت عناصر الدرك الملكي إلى موقع الحادث لمعاينة الأضرار واتخاذ الإجراءات اللازمة. وبتعليمات من النيابة العامة، تم نقل جثتي الضحيتين إلى مستودع الأموات، فيما فُتح تحقيق معمّق لتحديد أسباب الحادث وكشف ملابساته.

هذا جديد قضية محمد أمكيزو رئيس جماعة مولاي إبراهيم المتابع بجنايتي تبديد واختلاس أموال عامة

   أصدرت غرفة الجنايات الإبتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الإستئناف بمراكش، في جلستها اليوم الجمعة 21 مارس الجاري، حكما تمهيديا جديدا يقضي بإجراء خبرة في الملف الذي يتابع فيه محمد أمكيزو رئيس المجلس الجماعي لمولاي إبراهيم، من أجل جنايتي تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعين تحت يده بمقتضى وظيفته، وإدراجه بجلسة 18 من شهر ذابريل المقبل. و وفق مصادر موثوقة، فالهيئة كانت قد قررت في جلستها، حجز الملف للمداولة للنطق بالحكم، قبل أن تقرر إخراجه وإصدار حكم تمهيدي في شأنه يقضي بإجراء خبرة حول الملف. و جاءت متابعة رئيس الجماعة الترابية مولاي إبراهيم بعد انتهاء جلسات التحقيق التفصيلي الذي باشره معه قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال باستئنافية مراكش، بناء على ملتمس الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف، حيث خلص التحقيق التفصيلي إلى تورط المتهم في “جنايتي تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعين تحت يده بمقتضى وظيفته”.

العثور على جثة دركي معلقة بشجرة في ظروف غامضة

فاجعة هزت الرأي العام الوطني و معها جهاز الدرك الملكي، بعدما استفاقت ساكنة جماعة أولاد صالح بإقليم النواصر، صباح اليوم الأربعاء ثاني أبريل الجاري، على وقع فاجعة بعد العثور على جثة دركي معلقة بشجرة في ظروف غامضة. وبحسب المعطيات المتداولة، فإن الهالك المسمى قيد حياته “أمين ، ح” والبالغ من العمر نحو 21 عاما وهو نجل فقيه بأحد الدواوير التابع لجماعة اولاد صالح، خرج ليلة أمس الثلاثاء رفقة بعض أصدقائه ولم يعد، ما دفع بوالده الى الخروج للبحث عنه، قبل أن يعثر عليه صباح اليوم معلقا بواسطة حبل في أحد الأشجار. وتضيف ذات المعطيات، أن السلطة المحلية وعناصر الدرك الملكي انتقلت إلى عين المكان بعد اغطارها من طرف والد الهالك الذي كان يعمل قيد حياته دركيا بتكنة للدرك الملكي للتدخل السريع بالنواصر، حيث تمت معاينة الجثة قبل نقلها إلى مستودع الأموات من أجل اخضاعها للتشريح الطبي لمعرفة السببب الحقيقي للوفاة، وما إذا الأمر يتعلق بحالة انتحار فعلا أم بجريمة مدبرة.